الذكرى الـ 58 يوم الشهيد الجنوبي.. تضحيات بطولية نحو تحقيق الاستقلال الكامل
يصادف اليوم الثلاثاء، 11 فبراير 2025، الذكرى الـ58 ليوم الشهيد الجنوبي، الذي يُعد رمزًا للتضحية والفداء، و يحتفل به أبناء الجنوب في كل عام تكريماً ووفاءً لدماء وأرواح شهدائهم و جرحاهم الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل تحرير أرض الجنوب واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة، إنها مناسبة عظيمة للتذكير بالتاريخ النضالي لأبطال الجنوب الذين مرّوا بمحطات ومراحل ثورية مختلفة، تم خلالها تقديم تضحيات جسيمة من أجل الحرية والاستقلال.
*محطات ثورية وتضحيات متواصلة
بدأت مسيرة النضال الجنوبي في فترة الاحتلال البريطاني للجنوب العربي الذي استمر لأكثر من 129 عامًا، ففي عام 1963، اندلعت ثورة 14 أكتوبر المجيدة، التي كانت بمثابة نقطة انطلاق لثورة الجنوب السلمية، والمسلحة واستمرت لعدة سنوات ضد الاحتلال البريطاني، وقد قادها الثوار والمناضلون الأحرار من أبناء الجنوب الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن وطنهم واستقلاله، وبعد معركة طويلة، استطاع الجنوب في 30 نوفمبر 1967 تحقيق استقلاله الوطني وتأسيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وعلى مدار العقود التالية، التي أعقبت تحقيق الاستقلال الأول وبناء مؤسسات دولة الجنوب، شهدت تحولات كبيرة على المستوى السياسي والعسكري. لكن مؤامرة الاحتلال اليمني في عام 1990 جلبت معها سلسلة من المآسي التي ألقت بظلالها على جميع أبناء الجنوب، فقد قامت حكومة ما تسمى بدولة الوحدة في 22 مايو 1990 بإلحاق دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بالجمهورية العربية اليمنية الشمالية، ما أدى إلى فرض مشروع الاحتلال اليمني بالقوة، الذي طال جميع مؤسسات الجنوب وحرم شعبه من أبسط حقوقه.
*حرب صيف 1994 واحتلال الجنوب
وفي صيف عام 1994، شنت قوات الجمهورية العربية اليمنية الحرب الغاشمة على الجنوب وارتكبت أكبر مذبحة بحق أبناء الجنوب خلال هذه الحرب، و تعرضت مدن الجنوب ومؤسساته العسكرية والمدنية للتدمير الممنهج، كما تم نهب الثروات الجنوبية وتصفية العديد من القيادات العسكرية والمدنية، وكانت هذه الحرب بمثابة جريمة بحق شعب الجنوب، حيث تمكنت قوات الجمهورية العربية اليمنية من احتلال الجنوب بالكامل، لكن المقاومة الجنوبية لم تتوقف واستمرت بمواجهة جيش الاحتلال اليمني من خلال تأسيس الحركات الثورية الجنوبية وفي مقدمتها حركة "حتم" و"موج"، حتى عام 2007، الذي شهد انطلاق الثورة السلمية التحررية المطالبة بتحرير واستقلال الجنوب بشكل منظم، وتوسعت رقعتها في جميع محافظات الجنوب.
حيث طالب أبناء الجنوب في المسيرات والمليونيات والفعاليات الثورية باستعادة دولتهم الفيدرالية المستقلة على كامل ترابهم الوطني بحدوده الجغرافية المتعارف عليها دوليًا إلى ما قبل 1990م، وقدّم الجنوبيون تضحيات جسيمة من الشهداء والجرحى والأسرى في مختلف المسيرات والاحتجاجات السلمية، وكذلك في المواجهات المسلحة مع قوات الاحتلال اليمني التي كانت تمارس قمع المسيرات والمظاهرات السلمية في عموم محافظات الجنوب.
*قواتنا المسلحة الجنوبية: من الدفاع إلى الهجوم
ومع اندلاع الحرب في عام 2015، التي حاولت مليشيات الحوثي المدعومة من إيران غزو واحتلال الجنوب مرة أخرى، خاضت القوات المسلحة الجنوبية والمقاومة الجنوبية حربًا شرسة ضد قوات الاحتلال اليمني بشقيها الحوثي والعفاشي، و في هذه المعركة، قدم الجنوبيون قوافل من التضحيات الغالية، حيث استشهد الآلاف من الجنود والمواطنين من المقاومة الجنوبية في جبهات القتال المختلفة من أجل تحرير أراضي الجنوب وتطهيرها من الميليشيات المدعومة إيرانيًا، ما أسهم في هزيمة المشروع الإيراني ودحر هذه القوى الإرهابية في الجنوب والمنطقة.
*ذكرى يوم الشهيد الجنوبي: الاستمرار في مسيرة النضال
واليوم، في ذكرى يوم الشهيد الجنوبي، يستمر أبناء الجنوب في النضال من أجل تحقيق أهدافهم الوطنية، سواء في مواجهة محاولات الهيمنة اليمنية أو تصديهم لمشاريع مليشيات إيران التي تسعى للسيطرة على الجنوب. لقد استطاع الجنوبيون، وقواتهم المسلحة، بفضل تضحياتهم ودمائهم الزكية، أن يحافظوا على المكاسب والانتصارات التي تحققت في الجنوب، و ينتزعوا حقوقهم تدريجيًا رغم التحديات المستمرة.
إن دماء شهداء الجنوب، الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل تحرير أرضهم، تظل خالدة في ذاكرة كل جنوبي ، واليوم نحتفل بذكرى الشهداء الذين كانوا الشعلة التي أضاءت الطريق نحو الحرية والكرامة ،ورغم جميع التحديات والصعاب، تظل قضية الجنوب حية في قلوب أبنائه، ويظل هدفهم الأسمى هو استعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة وعاصمتها عدن، لتكون رمزًا للحرية والعدالة.
*دروس من التضحيات والمستقبل المنتظر
إن ذكرى يوم الشهيد الجنوبي هي أكثر من مجرد احتفال، إنها مناسبة لتأكيد التزام الجنوبيين بمواصلة نضالهم حتى تحقيق أهدافهم الوطنية في الحرية والاستقلال واستعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة.
إن التضحيات التي قدمها شهداء وجرحى الجنوب سوف تكون نبراسًا للأجيال القادمة، كي تستمر مسيرة الثورة نحو بناء دولة جنوبية مستقلة تحقق العدالة والرخاء لكل أبنائها، وإن دماء الشهداء لن تذهب هدراً، بل ستظل هي الأساس لبناء مستقبل مشرق يعيد للجنوب مكانته ويحقق له استقلاله وسيادته الكاملة على أراضيه.