"ثمان سنوات من الثبات.. الجنوب يمضي نحو استعادة دولته"

 


ثمانية أعوام مرّت منذ أن خطّ شعب الجنوب بيده صفحة جديدة من تاريخه النضالي، بإعلانه التاريخي في الرابع من مايو 2017 وتفويضه الشعبي للرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي لقيادة مشروع استعادة دولة الجنوب من خلال تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي.

لقد مثل هذا الحدث الفارق محطة مفصلية في مسار الثورة الجنوبية التحررية ، وكان تأسيس المجلس تتويجًا لنضالات الشعب في الحراك الجنوبي والمقاومة الجنوبية، وترجمة لإرادة جنوبية جامعة نضجت من رحم المعاناة والقهر وسنوات من الكفاح التحرري السلمي والعسكري

في الذكرى الثامنة، لم يعد المجلس الانتقالي الجنوبي فقط كيان سياسي يمثل شعب الجنوب وقضيته، بل أصبح ركيزة رئيسية في المشهد الاقليمي ومعادلاته، عوضا عن كونه صوتًا معبّرًا عن تطلعات شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته المستقلة. لقد استطاع أن يعبر من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التمكين، ومن مرحلة المقاومة إلى مرحلة بناء المؤسسات، متسلحًا بالتفاف شعبي واسع وبمشروعية نضالية راسخة ودون شك لم تكن الطريق في هذا المسار مفروشًا بالورود، فقد خاض المجلس و منذ تأسيسه في حرب مفتوحة ومعقدة، عسكرية وأمنية وسياسية واقتصادية، مع قوى اليمنية المعادية التي لا تزال تصر على فرض مشاريعها الاحتلالية ومصادرة إرادة شعب الجنوب.

تعرض المجلس الانتقالي الجنوبي ، وما يزال، لمحاولات شرسة وممنهجة تهدف الى  إضعافه وتفكيك بنيته والتأثير على حضوره الشعبي والسياسي، عبر أدوات متعددة تشمل:

الجبهات العسكرية :  في الجبهات الحدودية ضد المليشيات الحوثية وفي الحرب على الارهاب الاداة والوسيلة التي تتنافس قوى ومليشيات الاحتلال اليمني على استخدامها ضد الجنوب وشعبه ومجلسه الانتقالي وقواته المسلحة

الحرب الاقتصادية : وتتمثل في تعطيل الخدمات، وضرب مؤسسات الدولة، وخلق أزمات معيشية طاحنة في الكهرباء والمياه والرواتب والوقود، في استهداف مباشر للمقومات الحياتية الرئيسية للشعب وعلى امل ان يفقد الشعب مقومات صموده وثباته النضالي التحرري واللتفافه حول مجلسه الانتقالي وقواته المسلحة الجنوبية وتحويل قضيته الوطنية السياسية التحررية من قضية وطن وهوية ودولة جنوبية الى قضية خدمات ومطالب معيشية غير ان هذه المؤامرات وكما اثبتت مواقف شعبنا الجنوبي ورغم معاناته تبوء بالفشل رغم تجددها واستمراريتها وتتحطم اجنداتها امام صلابة ومناعة ووعي شعبنا .

الحرب الإعلامية والسياسية :  عبر تفريخ المكونات، وتشويه الحقائق، وإنتاج دكاكين سياسية بديلة في محاولة يائسة لشق الصف الجنوبي وضخ اعلامي دعائي معادي يضم شبكات ومواقع وصحف وقنوات ومطابخ ومنصات تزييف وتحريض والتظليل وقلب الحقائق  وترويج الاراجيف والافتراءات وبث سموم التشضي والفرقة وزعزة الثقة بين الشعب وقيادته ; رغم كل ذلك، حافظ مجلسنا  الانتقالي على تماسكه، وعزز من اواصر العلاقة التلاحمية المصيرية بالشعب  ومدّ يده مرارًا ومازال وسيظل على ذات النهج والمبدأ للحوار الجنوبي-الجنوبي من موقع القوة والمسؤولية، إدراكًا منه أن وحدة الصف الجنوبي هي الضمانة الوحيدة للانتصار. وكان إطلاقه للحوار الوطني الجنوبي واستضافته للمكونات في العاصمة عدن ورعايته وتبنيه للحوار الوطني الجنوبي والخروج بمنجز الميثاق الوطني الجنوبي  دليلًا على رؤيته الثابتة بأن الجنوب يتسع لكل أبنائه، وأن المشروع الوطني الجنوبي لا يحتمل الإقصاء ولا المزايدات.

▪ البناء المؤسسي

في السنوات الماضية، حقق المجلس الانتقالي إنجازات بارزة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وكان من أبرزها:

بناء مؤسسة دفاعية و أمنية جنوبية قوية وموحدة، على اسس علمية ووطنية وكان هذا اهم انجاز تحقق لشعب الجنوب . 
تمثيل قضية الجنوب في المفاوضات الإقليمية والدولية، وايصالها الى اروقة القرار الاقليمي والدولي 
وتحقيق حضور سياسي ودبلوماسي فاعل كسّر العزلة التي فرضتها قوى صنعاء لعقود على الجنوب وقضيته الوطنية .

وكان آخر هذه الانجازات الدبلوماسية تدشين البعثة الدبلوماسية للمجلس الانتقالي الجنوبي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو إنجاز تاريخي يؤكد الحضور القوي لقضية الجنوب في الساحة الدولية، ويفتح آفاقًا واسعة للتواصل المباشر مع صناع القرار العالمي ومن عاصمة العالم السياسية واشنطن ، بما يخدم تطلعات شعب الجنوب ومكافحة الارهاب ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.

قيادة جهود مكافحة الإرهاب وجعل الجنوب ممثلا بقواته المسلحة شريكا محوريا في الحرب على الارهاب وتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة . 
واليوم، ومع احتفالنا بمرور ثمانية أعوام على تأسيس مجلسنا الانتقالي الجنوب ، فإن التحديات لا تزال جسيمة، لكن الإرادة أشد. فالقوى المعادية لن تتوقف عن مؤامراتها، ولن تتوانى عن استخدام أقذر الأساليب لإجهاض حلم الجنوب واهداف وغايات شعبه المصيرية والتي لا رجعة عنها ، من ضرب الاقتصاد إلى نشر الفوضى الأمنية من خلال الارهاب الذي تديره وتتحكم به تلك القوى ، ومن التشويش الإعلامي إلى شراء الولاءات. غير أن ما يجهله هؤلاء أن شعب الجنوب لم يعد قابلاً للارتداد إلى الخلف، وأن مشروعه الوطني أصبح أعمق جذورًا وأقوى حضورًا.


إن الذكرى الثامنة لتأسيس المجلس الانتقالي ليست مناسبة للاحتفال فقط، بل محطة للتقييم والتجديد، وفرصة لتجديد العهد مع الأرض والشهداء وقيادتنا السياسية العليا ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي، وللتأكيد على المضي قدمًا نحو الهدف الأسمى: استعادة دولة الجنوب الحرة المستقلة، على كامل ترابها الوطني بحدود ما قبل 21 مايو 1990.

وفي الختام، نقول: إن شعب الجنوب، الذي قدّم التضحيات الجسام في سبيل حريته واستعادة دولته، لن تثنيه المؤامرات، ولن تضعف عزيمته الأزمات المصطنعة، فقد شبّ عن الطوق، وأدرك أن اهدافه وغاياته وحقوقه تُنتزع ولا تُمنح. والمجلس الانتقالي الجنوبي، قيادةً وقواعد، سيظل عند مستوى هذا الوعي الوطني الناضج، وعند مستوى التضحيات الجسيمة، ولن يتراجع قيد أنملة عن هدف الاستقلال وبناء دولته الجنوبية الفيدرالية الحديثة.