العلاقة والشراكة التحالفية بين التنظيمات الإرهابية والحوثي ومافيات تجارة المخدرات
ظهر مصطلح الإرهاب المرتبط بالمخدرات في العام 1980م عندما لوحظ وجود علاقة مباشرة بين عصابات إنتاج المخدرات وصنع منتجاتها وتهريب العقاقير المخدرة وترويجها وبين الجماعات الإرهابية في كولومبيا وبيرو بحسب الوثيقة رقم A/CONF.203/18 مؤتمر الأمم المتحدة الحادي عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية الذي عقد في الفترة من 18-25 ابريل من العام 2005م
غير ان مؤشرات هذه العلاقة في الشرق الأوسط قد بدأت في وقت مبكر، وتحديداً في القرن الثالث عشر الميلادي ، وهي البداية التي توسعت وحافظت على مركز انطلاقها ( إيران ) منذ ذلك الوقت وحتى اليوم .
ويبدو ان ايران ومنذ نشأت عقيدتها الأثنى عشرية المنحرفة قد إتخذت من المخدرات سلاحاً ووسيلة إستقطاب وتجنيد ومصدر دخل، ففي القرن الثالث عشر نقل الرحالة الشهير ماركو بولو في كتابه ”Devisement du Monde“ ، قصة الحشيش الذي استخدمه احد ابرز مؤسسي الاثنى عشرية شيعية "الحسن بن الصباح " في تجنيد أتباع قساة دمويين وإرسالهم لتنفيذ أوامره بقتل خصومه ، وذكر عماد الدين الأصفهاني ، أن إطلاق لفظ الحشاشين على جماعة الحسن بن الصباح مرده الى ان أفراد الجماعة كانوا يتعاطون الحشيش قبل إقدامهم على الأعمال الإرهابية والاغتيالات السياسية، وهي الطريقة المتبعة حتى وقتنا الحالي لدى ايران واذرعها في المنطقة كجماعة الحوثي والتنظيمات الإرهابية المتحالفة معها .
في القرن 21 يجد المتتبع للاستراتيجيات العسكرية والمالية المستخدمة من قبل التنظيمات الإرهابية تطور مستمر في وسائل التمويل والتموين اللوجستي , من خلال إنخراطها القوي في تجارة المخدرات وتحالفها الاقتصادي مع مافيات تهريب المخدرات الى داخل الدول والشعوب ، ومن خلال التقصي التاريخي لهذا الانخراط ودراسة اسبابه ودوافعه ، نجد ان تلك التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش ، قد طبقت تجربة إيران في تمويل نفسها مادياً وبشرياً من خلال التجارة في المخدرات العابرة للقارات وفي إستخدامها لغسل عقول من تجندهم الى صفوفها ، ودون شك فإن هذه التجربة كانت احد ركائز العلاقة التحالفية القائمة بين ايران واذرعها والقاعدة وداعش كما هو الحال في اليمن .
المخدرات والمؤثرات العقلية على رأس قائمة الجرائم التي تدر أموالاً طائلة في عالم الإرهاب والجريمة المنظمة ، و علاوة على ذلك، فقد عزَّزت الحرب على الإرهاب التقارب بين التنظيمات الإرهابية ومافيات المتاجرة بالمخدرات في العديد من المناطق، كأفغانستان واليمن وغرب افريقيا.
أمين عام مجلس وزراء الداخلية العرب في افتتاح المؤتمر السنوي السادس والعشرين لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات في الدول العربية حذر من ان تجارة المخدرات باتت ممولاً رئيسياً للإرهاب في المنطقة العربية، والحقيقة التي لا يمكن إغفالها، هي ان تطور تجارة المخدرات في منطقة الشرق الأوسط إرتبط بنمو النمط الميليشياوي المتطرف الذي يعتمد على المخدرات كمصدر تمويل ووسيلة لتخدير عقول الشباب ومن ثم إستمالتهم للإنظمام الى صفوفها ، وهذا ما تمارسه مليشيات الحوثي والمليشيات الأخرى التي زرعتها ايران في المنطقة العربية .
التحالف الأمني والاستخباراتي
تقوم العلاقة بين التنظيمات والمليشيات الإرهابية وعصابات جرائم التهريب والإتجار بالمخدرات ، بتوفير الأولى الحماية للإخيرة مقابل حصولها على سيولة نقدية تمون بها اعمالها الإرهابية ، ونظرًا لتأثيرات الحرب على الارهاب في الجانب المالي الذي تعاني منه التنظيمات الارهابية - داعش والقاعدة - كما افصح زعيم التنظيم باليمن خالد باطرفي مؤخرًا ، لجأت هذه التنظيمات الى تعميق علاقتها بمافيا الإتجار بالمخدرات ، وبكون مركز ومحور هذه المافيات وبيوتها التجارية بإيران ، فقد ترتب على هذه الخطوة تعزيز علاقة تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين بالمليشيات الحوثية ، مقابل ان تلعب دور الوسيط بين شبكات تجارة وتهريب المخدرات التابعة للحرس الثوري الإيراني وتنظيمي القاعدة وداعش اللذين وسعا من خدمتهما لتلك الشبكات في سياق التوجهات السياسية الإيرانية المعادية في المنطقة، سواءً بالتحالف العسكري مع الحوثي او تسخير عناصر التنظيمين لتنفيذ اعمال إرهابية عجز الحوثي تنفيذها في الجنوب .
اثر نجاحات مكافحة الإرهاب
ونظراً للنجاحات والإنتصارات التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية على الإرهاب ، وتضييق الخناق على مافيا المخدرات ، قتضت علاقة التعاون اللوجستي الأمني والمالي بين التنظيمات الإرهابية وشبكات التجارة بالمخدرات التي يشرف الحوثي على نشاطها في اليمن وحاجة الأخير الى تعزيز مصدر تمويله من تلك التجارة , الى ضرورة توسيع دائرة التحالف القائم بينها لتامين مصالحها اللوجستية سواء كانت المالية منها او المعلوماتية الإستخباراتية , ما يدفع لضرورة التعاون بين الطرفين بهدف تامين كل منهما لمصادر تمويل الطرف الآخر, وكذلك لتبادل المعلومات الإستخباراتية .
وتفيد التقارير ان تنظيمي القاعدة وداعش قد حصلا على كل المعلومات الإستخبارتية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتي كانت في جهازي الامن القومي والسياسي بصنعاء ، على ان توفر لشبكات تهريب المخدرات مسح شامل لمعلومات تتعلق بالجهد الأمني وتحركاته في مكافحة جريمة المخدرات ، وتقوم بتنفيذ جرائم اغتيالات للفاعلين في مكافحة المخدرات من ضباط وموظفي أجهزة الدولة المعنية بذلك ، الحوثي يرى نفسه مستفيداً من ذلك خصوصاً وان كلا الطرفين شبكات ومافيات تجارة المخدرات والتنظيمات الإرهابية يمتلكان الكثير من المعلومات الإستخباراتية حول القوى الأمنية المحلية والدولية المتصدية لخطر المخدرات والمتصدرة في الحرب على الإرهاب .
كما ان الحوثي وخلفه إيران والتنظيمات الإرهابية يجمعهما هدف رئيس مشترك وهو إختراق الدول امنياً واجتماعياً ومن ثم اسقاط انظمتها وصولاً الى السيطرة عليها ونهب ثرواتها ، ويتفقان ايضا بان المخدرات ابرز الطرق والوسائل الناعمة لتحقيق ذلك ، من خلال تدمير النسيج الإجتماعي وإشاعة الجريمة و تدمير ركائز الأمن والإستقرار الوطني وهدم استقرارها الداخلي وضرب نسيجها الإجتماعي وحرف شريحة الشباب من كونها اداة قوة وبناء الى اداة هدم وجريمة ، ومصدر تعزيز بشري لتلك التنظيمات الإرهابية وللمليشيات الحوثية، حيث اكدت الدراسات الأمنية التي تابعت ظاهرة ارتباط التنظيمات الإرهابية بشبكات تجارة المخدرات، ان معظم العناصر الإرهابية كانوا متعاطين مخدرات وكذلك الحال بالنسبة لعناصر مليشيات الحوثي .