النهج الخالد لاولاد زايد في تعزيز استقرار الشعوب ومكافحة الإرهاب

تقرير بحثي - درع الجنوب

  

هذا التقرير يأتي استنادًا إلى وثائق ومعطيات من مراكز بحث دولية وتقارير ميدانية موثقة وارقام على ارض الواقع وأثرها في حياة الناس، ويهدف إلى وضع الحقائق أمام القارئ والباحث، وتفنيد الحملات الإعلامية المغرضة التي تشنها جماعات الإسلام السياسي ضد الإمارات، دولة الخير والعطاء.

في عالم تمزقه النزاعات وتشتته الأزمات كالتي تعصف بدول وشعوب منطقة الشرق الأوسط، تظل دولة الإمارات العربية المتحدة عنوانًا ثابتًا للخير والعطاء، ورمزًا عربيًا فريدًا في الجمع بين الإنسانية والتنمية والأمن.. فمنذ فجر الاتحاد الإماراتي الذي أرسى قواعده المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اختارت الإمارات أن تكون وطنًا للإنسان أينما كان، وأن تنحاز في سياساتها ومواقفها إلى قيم الرحمة والنجدة والتضامن، لتصنع لنفسها مسارًا خاصًا في السياسة الخارجية يقوم على الدبلوماسية الإنسانية لا على الشعارات.

هذا النهج الإنساني لم يكن شعارًا يُرفع في المحافل، بل كان مشروعًا عمليًا متجذرًا في وجدان القيادة الإماراتية وشعبها.

في كل مأساة إنسانية، وكل كارثة أو أزمة تضرب هذا البلد او ذاك ، تظهر دولة الإمارات كسفينة إنقاذ تمد يد العون دون تمييز، وتتحرك بفاعلية حيث يعجز الآخرون أن يصلوا بعطائهم ومددهم وغوثهم، وقد أثبتت العقود الأخيرة أن العمل الإنساني في فكر الإمارات ليس عملًا موسميًا أو رد فعل ظرفي، بل هو سياسة دولة ومنهج حياة مؤسس على رؤية إنسانية ترى في استقرار الشعوب وكرامتها أساسًا لأمن المنطقة والعالم.

فمنذ البدايات الأولى لتأسيس الدولة الاماراتية، وضع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قاعدة ذهبية في العمل الإنساني مفادها: «الثروة الحقيقية هي الإنسان، وأفضل استثمار هو في إسعاده وتنميته» وأن الدبلوماسية الأكثر اثرا هي التي تجود بالعطاء وبالنفع للشعوب الشقيقة والصديقة، دون شك تحولت هذه الرؤية إلى سياسة وطنية خارجية جعلت من الإمارات بين أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم نسبة إلى دخلها القومي، وفق تقارير الأمم المتحدة والهيئات الدولية.

وعلى هذا النهج تواصل القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، هذا النهج بكل مسؤولية وثبات، مستحضرةً إرث المؤسس في كل مبادرة وموقف، لتؤكد أن الخير والعطاء في الإمارات عقيدة وهوية، وليس أداة سياسية أو وسيلة تأثير كما تحاول ترويجه بعض الأصوات المغرضة من أبواق جماعات الإسلام السياسي كجماعة الإخوان المسلمين التي لا ترى في التدخلات الاماراتية الاغاثية والخدمية والتنموية وما يعزز استقرار الدول وشعوبها سوى تهديدًا لمشروعاتها الظلامية التي ما أن تنفذ إلى أي بلد إلا وزعزعة استقراره ومزقت نسيجه الاجتماعي وجعلته ساحة حرب، ومسرح مأساة إنسانية ولنا خير دليل في السودان واليمن وليبيا .. إلخ.

 

ولأن المشروع الإماراتي يقوم في جوهره على التخفيف من معاناة الشعوب المنكوبة، والحد من أزمات الدول المتضررة، ومساندتها في مسار التعافي والبناء، فإنه يمثل مشروعًا تنمويًا إنسانيًا بامتياز.

ولهذا، تضعه جماعات الإسلام السياسي بنسختيها الإخوانية والخمينية في مقدمة المشاريع المناوئة والمعادية لها، لما يشكله من نقيض تام لمخططاتها الهدّامة. أما الحملات الإعلامية المأجورة التي تمولها جماعة الإخوان وإيران واذرعها ولوبياتها ضد الإمارات وقيادتها، فما هي إلا صدى لصدام حتمي بين مشروع إماراتي بنائي حضاري ومشاريع فوضوية ومتطرفة تدميرية.

إن من أبرز الشواهد الماثلة على عمق الدور الإماراتي الإنساني والتنموي هو ما شهده الجنوب العربي واليمن منذ عام 2015م.. فبعد انطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، بادرت أبوظبي إلى إنشاء جسور جوية وبحرية وبرية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة، دون انقطاع أو تمييز. ولم تكتف الإمارات بالدعم الميداني الفوري، بل أسست لبرامج إنمائية مستدامة أعادت الحياة إلى مؤسسات الدولة ومرافقها الخدمية في محافظات الجنوب.

وأكد تقرير صادر عن معهد (أميركان ميديا إنستيتيوت) الأمريكي أن المساعدات الإماراتية شملت جميع قطاعات الحياة، حيث بلغت خلال الفترة من أبريل 2015 حتى مايو 2018:
• 1.01 مليار دولار للمساعدات الغذائية.
• 209.8 مليون دولار لقطاع الصحة.
• 287.2 مليون دولار للطاقة.
• 39.5 مليون دولار للتعليم.
• 163.2 مليون دولار للمجتمع المدني.
• 156.5 مليون دولار للنقل والمواصلات.
• 133.9 مليون دولار للخدمات الاجتماعية.
• 1.62 مليار دولار ضمن برامج المساعدات العامة.

هذه الأرقام لا تمثل سوى مرحلة زمنية محدودة، إذ واصلت الإمارات خلال الأعوام اللاحقة وحتى اليوم توسيع برامجها الإنسانية بتمويل مشاريع تنموية دائمة في البنية التحتية والكهرباء والمياه والتعليم والصحة وإعادة تأهيل المؤسسات الحكومية.. وقد كان ومازال برنامج الهلال الأحمر الإماراتي في طليعة هذه الجهود، حيث نفذ مئات المشاريع الخدمية والإغاثية في العاصمة عدن والمكلا وشبوة وأبين ولحج وسقطرى والضالع، مما أعاد الأمل لملايين المواطنين، وأسهم في التخفيف من أثر الظروف المعيشية وتعزيز صمود أبناء الجنوب في مواجهة ودحر المليشيات الحوثية وكذا التنظيمات الإرهابية وتجاوز أثر الظروف المعيشية.

وبموازاة العمل الإنساني والخدمي، أدركت الإمارات أن الأمن هو الشرط الأول للحياة والتعافي والنهوض. ولذلك لم تتردد في إسناد القوات المسلحة الجنوبية في معاركها ضد الميليشيات الحوثية والتنظيمات الإرهابية التي حاولت استغلال انشغال المقاومة الجنوبية في مواصلة دحر مليشيات الحوثي لإسقاط الجنوب وتحويل مدنه إلى إمارات إسلامية كما جرى لمدن ساحل حضرموت وابين وشبوة ومدينة الحوطة حاضرة محافظة لحج، كذلك الحال بالنسبة للعاصمة عدن التي علت الرايات السوداء على سطوح كثير من مقرات مؤسساتها وكادت أن تسقط بشكل كلي بيد تنظيمي القاعدة وداعش، لولا الدور الإماراتي الذي أسند المقاومة الجنوبية بكل متطلبات معركة القضاء على العناصر الإرهابية ودك اوكارها.

وكان عام 2016م شاهدًا على واحدة من أنجح عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة نموذجا يحتذى به في الشراكة، حين تمكنت قوات النخبة الحضرمية بدعم وإشراف إماراتي من تحرير مدينة المكلا من تنظيم القاعدة الإرهابي في 24 أبريل، بعد أن كانت تحت سيطرة التنظيم لأكثر من عام وتحديدا منذ أن سلمتها القوات العسكرية الموالية لجماعة الإخوان لتنظيم القاعدة في ذلك اليوم الأسود، الثاني من أبريل 2015م.

وتلت ذلك عمليات نوعية أخرى في أبين وعدن وشبوة ولحج كان عنوانها التحرير والتطهير والاستقرار، حتى بات الجنوب اليوم محرقة للتنظيمات الإرهابية التي يعاد الدفع بها وعناصرها وخلاياها نحو محافظتي شبوة وأبين في سياق محاولات اخوانية حوثية بائسة تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وخلط الاوراق واعادة توطين الارهاب في الجنوب كوسيلة واداة احتلال منذ غزوه واحتلاله في صيف 1994م.

هذا الدور الإماراتي، الذي اتسم بالحرفية والالتزام بالقانون الدولي، لم يكن مجرد دعم عسكري، بل كان بناءً مؤسسيًا للقوات الأمنية الجنوبية من خلال التدريب والتأهيل وتزويدها بالقدرات التقنية واللوجستية، لتصبح جزءًا فاعلًا من منظومة الأمن الإقليمي والدولي وفي مكافحة الإرهاب.

وأمام هذا الحضور الإماراتي الإنساني والأمني المشرف، شعرت جماعات الإسلام السياسي، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، بأن مشاريعها باتت مهددة بالسقوط.. فشنّت حملات إعلامية وسياسية منظمة استهدفت الإمارات والجنوب و قيادته وقواته المسلحة، عبر قنواتها التلفزيونية وصحفها ومواقعها وشبكات ومنصات ومطابخ الزيف ومراكز ومؤسسات أنتاج وترويج الأراجيف وقلب الحقائق وتلفيق الاكاذيب في مسعى خائب لتزييف وتضليل الوعي وتشويه الحقائق.

هذه الجماعات التي تمثل الرحم الأيديولوجى للإرهاب العالمي بل ورافده الفكري والمادي والبشري، حاولت عبثًا أن تصور الدور الإماراتي كأداة نفوذ، متناسية أن الحقائق الميدانية تنفي ذلك بصورة قطعية وتشهد بغير ذلك: فحيثما وصلت يد الإمارات، انحسرت معاناة الشعوب، وعادت الحياة والخدمات، وارتفعت مؤشرات الاستقرار، وفي المقابل، حيث تمددت الجماعات المتطرفة، عمّ الخراب، وغابت الدولة، وسالت الدماء.

هذه الحملات الإعلامية الموجهة التي تقوم على الأكاذيب والتحريض لم تنل من صورة الإمارات الدولية، بل عززت قناعة العالم بأن الإمارات تمثل نموذج الدولة العربية الحديثة المعتدلة التي تجمع بين الإنسانية والتنمية والصرامة في مكافحة التطرف.

وتخليصا لما سبق:

• إنّ ما قدمته وتقدّمه دولة الإمارات العربية المتحدة من اعمال وجهودٍ إنسانية وتنموية وأمنية في الجنوب واليمن، وفي فلسطين والسودان، وسائر مناطق العالم، لا يُعدّ مَنّةً ولا سعيًا إلى مصلحةٍ سياسيةٍ آنية، بل هو امتداد طبيعي لنهجٍ إنسانيٍّ أصيل أرْساه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وسار عليه أبناؤه البررة من بعده، التزامًا بقيم العطاء والتسامح والمسؤولية الإنسانية.

• لقد أثبتت التجارب أنّ الاستقرار الذي تعزّزه دولة الإمارات في محيطها العربي والعالمي يشكّل سياجًا منيعًا أمام الفوضى والتطرّف، وأنّ العطاء الإماراتي سيظلّ شاهدًا على حضور الخير في زمن الأزمات، ما دام الإنسان في حاجةٍ إلى يدٍ تمتدّ إليه بالعون والغوث.

• تبقى الإمارات، بأفعالها لا بأقوال خصومها، نموذجًا فريدًا في الإنسانية والعطاء والمسؤولية الدولية، وعنوانًا للأمل في عالمٍ تتلاطم فيه الأزمات والصراعات.

• لن يطول زمن الصدام بين المشروع الإماراتي البنائي والانسان النهضوي ومشاريع الهدم والخراب الإخواني والخميني، إذ يظلّ الخير غالِبًا على الشرّ متى ما أدركت الشعوب دروس التاريخ، واستوعبت العِبر من الفتن والحروب التي أشعلتها تلك الجماعات.

• سيبقى التاريخ يدوّن، بحروفٍ من نورٍ وفخر، عن الدور الخالد لأبناء زايد الذين جعلوا من العطاء نهجًا، ومن خدمة الإنسان رسالة، ومن مكافحة الإرهاب واجبًا، ومن بناء الاستقرار هدفًا وكرامةً للأمّة العربية والإنسانية جمعاء.