7 يوليو.. يوم مشؤوم في تاريخ الجنوب
هناك أيام سوداء في تاريخ الشعوب لا تمحى من ذاكرتها مهما تعاقبت الأجيال،وفي تاريخ الجنوب، يأتي 7 يوليو 1994م في مقدمة تلك الأيام المشؤومة التي غيرت مجرى حياتنا رأسا على عقب، ففي ذلك اليوم سقطت عدن ومعها الجنوب بأكمله تحت سيطرة قوات الشمال، بعد معارك بطولية استمرت نحو ستين يوما ضد تلك الجحافل الزاحفة من الشمال وأعوانهم من المجاهدين الأفغان وغيرهم ممن شاركهم الغزو، لتبدأ بعدها مرحلة أليمة ومريرة من الإقصاء والتهميش والاستباحة المنظمة للأرض والإنسان والثروة.
لقد اعتبر حكام صنعاء الجنوب منذ ذلك اليوم غنيمة حرب، فتقاسموه فيما بينهم، و شنوا حملات طرد وتسريح واسعة طالت عشرات الآلاف من الكوادر العسكرية والأمنية الجنوبية، واستولوا على مؤسسات الدولة فخصخصوها وباعوها أو نهبوها، و أقصوا أبناء الجنوب من كافة المواقع القيادية وكأنهم مواطنون من الدرجة العاشرة لا يحق لهم حتى الحديث عن تلك المظالم التي تعرضوا لها .
تحولت أرض الجنوب إلى مغنم مفتوح، فتوزعت الأراضي على النافذين، وسيطرت مراكز القوى على الموانئ والحقول والثروات السمكية والنفطية دون اعتبار لحقوق أهل الأرض، كما جرى استهداف الهوية الجنوبية بكل أبعادها الثقافية والاجتماعية، في محاولة لطمسها ودمجها قسرًا في هوية الشمال القبلية السياسية،إلا أن هذا المشروع قوبل بمقاومة وصمود من أحرار الجنوب، وفشل رغم قسوته، بفضل تمسك الجنوبيين بقضيتهم وهويتهم الوطنية.
واليوم، وبعد مرور واحد وثلاثين عامًا على ذلك السقوط الأسود، يثبت الجنوبيون مرة أخرى أنهم شعب جبار، حي لا يموت، قادر على تجاوز الجراح والآلام واستعادة حقوقه مهما طال الزمن، فقد ولدت أجيال جديدة لا تحمل في وجدانها سوى الإيمان الكامل بحق الجنوب في استعادة دولته وحريته وكرامته.
فالجنوب اليوم يتعافى شيئًا فشيئًا، ويعيد بناء مؤسساته منذ ما بعد حرب 2015م، بعد طرد المليشيات الحوثية العفاشية وهزيمتها مع مشروعها الفارسي التدميري، وها هم أبناء الجنوب يعيدون بناء مؤسساتهم الأمنية والعسكرية والمدنية تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي والرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، بعد أن قدّموا في سبيل ذلك قوافل من الشهداء الأبرار الذين رووا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة.
ان ذكرى 7 يوليو ستظل محفزا للنضال والصمود حتى يتحقق الهدف الوطني النبيل باستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة، ويعود الحق إلى أهله مهما حاول العابثون إطالة أمد الاحتلال والظلم.