عدن في الذكرى العاشرة للتحرير: ملحمة الصمود والانتصار في وجه الغزو

كتب/ يحيى أحمد

 

في الذكرى العاشرة لتحرير العاصمة عدن، نستذكر بكل فخر واعتزاز الإرث البطولي الذي خلده أبناء الجنوب في هذه المدينة الصامدة بمواجهة جحافل المحتل اليمني في حرب كانت غير متكافئة، واجهت خلالها المقاومة الجنوبية في عدن الألوية الشمالية التي كانت تتمركز في العاصمة وغيرها من محافظات الجنوب، والتي ما لبثت أن خلعت رداء الشرعية وأعلنت خيانتها بمجرد تلقيها التوجيهات من صنعاء.

تزامن ذلك مع تقدم القوات الغازية القادمة من الشمال، المدعومة بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، ومع هذه التحديات، خاضت المقاومة الجنوبية في عدن معارك ضارية وشرسة نادراً ما يجد لها التاريخ مثيلاً، لقد مرّ عقدٌ من الزمن على يوم النصر العظيم، حينما تحطمت أوهام المعتدين على صخرة الصمود الجنوبي، وانكسرت شوكة الغزاة أمام إرادة شعب الجنوب.

كانت معركة تحرير عدن ملحمة ومصيرية، بلغت ذروتها حينما وقفت جميع الألوية وقوات الشمال في عدن إلى جانب القوات الغازية، التي هاجمت المدينة من الداخل، في حين وصلت تعزيزات من لحج وكرش لتُطبق الحصار عليها، عانت العاصمة عدن أياماً عصيبة في ظل عمليات النهب لمستودعات السلاح والذخيرة، وهروب القيادات العسكرية الموالية للشرعية، إضافةً إلى اعتقال اللواء البطل محمود الصبيحي وزير الدفاع ورفاقة اللواء فيصل رجب واللواء ناصر منصور، تزامن ذلك مع انقطاع خدمات الكهرباء والمياه، ونفاد المواد الغذائية، ما أجبر العديد من السكان على النزوح.
منذ اندلاع شرارة المقاومة في 26 مارس 2015، أثبتت العاصمة عدن وأبناؤها من رجال ونساء وشباب وشيوخ أن العزيمة الراسخة قادرة على صنع المستحيل. كانت المعركة أشبه بملاحم تاريخية، قدّم فيها الأبطال أرواحهم فداءً للوطن والكرامة، وسطروا بدمائهم الطاهرة أعظم صور الفداء والتضحية.
في يوم التحرير المجيد، الموافق 17 يوليو 2015 (27 رمضان)، علت أصوات النصر مع هدير المدافع وصيحات الأبطال الذين خاضوا المعارك بضراوة في شوارع وأزقة عدن كانت الروح القتالية في أوجها، فانهارت تحصينات العدو أمام ضربات المقاومة الجنوبية، وتقهقرت القوات الغازية منهزمةً، تجرّ أذيال الخيبة.

لم تكن الميليشيات الغازية تهدف فقط إلى السيطرة على عدن، بل سعت لكسر إرادة شعب الجنوب ككل.. لكن تلاحم المقاومة الجنوبية مع دعم قوات التحالف العربي أفشل جميع المخططات، لقد كانت معركة تحرير عدن فاصلة، أظهرت حكمة القيادة وبسالة المقاتلين، وانتهت بتحطيم أحلام المعتدين على أيدي أبطال الجنوب.

عشر سنوات مضت، وما زالت ذكريات الشجاعة والفداء تروى للأجيال القادمة، لقد أراد الغزاة إخضاع عدن، لكنها أبت إلا أن تظل رمزاً للصمود والكرامة، لقد سطّر أبناء الجنوب ملاحم بطولية، ورفضوا الاستسلام، فأصبحت عاصمتهم منارةً تروي حكايات الصمود التي لن يمحوها الزمن.

إن معركة تحرير العاصمة عدن لم يكن مجرد حدث عسكري، بل كانت محطةً تاريخية جسّدت قوة الإرادة والإصرار، وأظهرت هذه الملحمة أسمى معاني التضحية والوفاء، وكان النصر تتويجاً لصمود شعب رفض الخضوع، ووقف مدافعاً عن أرضه وكرامته.

وفي هذه الذكرى العاشرة، نرفع الهامات فخراً بشهدائنا الأبرار الذين رووا بدمائهم الزكية تراب عدن والجنوب، ونستلهم من تضحياتهم العزم على مواصلة البناء وحماية المكاسب الوطنية.. وستظل عدن شامخةً في وجه كل طامع، تروي للأجيال القادمة قصة مدينة لم تعرف الخضوع، وأبناء لم يرضخوا للذل، وقضية عادلة انتصرت رغم كل التحديات.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، وعاشت العاصمة عدن شامخةً أبيةً، عصيةً على الطغاة، وحرةً في ظل أبنائها الأوفياء..