دماء شهدائنا التي كتبت التاريخ

تقرير - درع الجنوب

 

يمثل يوم الحادي عشر من فبراير من كل عام ذكرى يوم الشهيد الوطني الجنوبي، الذي أضحى تقليداً اجتماعا ومناسبة وطنية يحتفى بها بيوم شهداء هذا الوطن، ففي هذا اليوم من كل عام وعلى امتداد تاريخنا المعاصر منذ الاستقلال الوطني عام 1967 حتى اليوم يحيي شعبنا الجنوبي ذكرى شهداء الوطن الذين استرخصوا دمائهم وأرواحهم في سبيل حريته وكرامته وتقدمه وازدهاره.. وتتجلى عظمة هذه المناسبة من عظمة أولئك الأبطال ومسيرة تضحياتهم عبر مراحل تاريخنا الوطني المختلفة، فقد كانوا على الدوام وقوداً لشعلة الثورة التي لا تنطفئ.. ووقوداً للبناء والتحديث كما كانوا الطليعة القتالية الفذة والوفية لشعبها والمخلصة لوطنها في مواجهة ما يتعرض له وطننا من مخاطر وتهديدات وحروب وتامرات عدوانية تستهدف هذا الوطن وشعبه.

ونحن نحتفي بإحياء هذه المناسبة أننا نبجل ونكرم اولئك الابطال المجهولة اسمائهم للكثير من الأجيال الوطنية، لكن مآثرهم وبطولاتهم وتضحياتهم حاضرة وشاخصة على تربة هذا الوطن بامتداد خريطته الجغرافية وفي حياة اليومية  للشعب لاجياله المختلفة متجسدتا في انتصارات ومكاسب وإنجازات وطنية عظيمة متطورة  ومتجددة باستمرار من خلال نضالات وتضحيات وتجدد قوافل الشهداء التي لا تنقطع مسيرة عطائهم  ولا تتوقف في لحظة واحدة.. طالما ظل الوطن  في أمس الحاجة إلى من يضحي في سبيله.

 لن نجافي الحقيقة إذا ما قلنا إن هذا الوطن الجنوبي  الذي ظل على الدوام مطمعا وهدفاً لقوى  استعمارية  تريد احتلاله لمكانته ومميزاته الجيوسياسية العالمية وثرواته الكبيرة والمتنوعة.. الأمر الذي جعل منه على الدوام ساحة مواجهة وصراعات وحروب مباشرة أو بالوكالة مع هذه القوى الاستعمارية.. والأمر الذي حتم على شعبنا دفع   أثمان باهضة وأرواحاً ودماء متجددة من خيرة أبنائه دفاعاً عن وجوده  وهويته وحريته وسيادته وانتصارا  لإرادة وخيارات شعبه في الحاضر والمستقبل.. وبفعل كل هذا أصبح شعبنا من بين أكثر شعوب الأرض سخاء في تقديم التضحيات  وأصبح كل فتى وشاب في هذا الوطن  يدرك معاني الهوية والانتماء الحرية والسيادة والعيش الكريم  في وطن ينعم بالأمن والاستقرار ويدرك في الوقت ذاته أيضا  أن وطنه يتعرض لحروب استعمارية  إرهابية خشنة وناعمة مفتوحة على كل الجبهات وفي مختلف قطاعات الحياة الخدمية والمعيشية، وما تفرضه هذه الحرب من واجبات على شعبنا ما تستخلصه من ثمن وتضحيات جسيمة، أضحى فيها كل فتى وشاب في هذا الوطن يجد في نفسه  مشروعا آخر لشهيد جديد يضاف إلى قائمة الأجداد والآباء وكل من سبقوه في هذا الدرب.

إن الشهداء كانوا وسيظلون رموز الوطن وشموعه المنيرة ووقود حريته ونهضته..  ليس هناك ما هو اغلى من الأرواح والدماء التي يقدمها لهذا الوطن نموذجا خاصاً من البشر هم الشهداء الذين كانوا وسيظلون في إرثنا الوطني وسجلات التاريخ وفي ذاكرة الأجيال المتعاقبة أعظم وأشرف من انجبتهم هذه الأرض ويستوجب علينا  ليس فقط الاعتزاز والتكريم هؤلاء الأبطال وتوثيق مآثرهم وبطولاتهم وتخليدها في الوعي والذاكرة الجمعية للشعب كما هي خالدة على الأرض في أعمالهم وانجازاتهم وانتصارتهم..بل يتحتم علينا رعاية أسر هؤلاء الشهداء والاهتمام بهم وتعويض ابنائهم حرمان الأبوة و فضل هولا الشهداء على الشعب باقية لا تنتهي.. إن أجمل تكريم لشهدائنا يتمثل أيضاً في الإخلاص للقيم والمثل والمبادئ الوطنية والإنسانية السامية لكل شهدائنا والتمسك بالمبادئ والأهداف والمشاريع والأحلام الوطنية الكبيرة التي استشهدوا في سبيل انتصارها وتحقيقها.. ولا غرابة أن يكون التنصل  أو الهروب عن تلك القيم والمبادئ  وأخلاقيات ومثل ووطنية الشهداء أو التراجع  عن الأهداف والمشاريع والأحلام الوطنية  التي قدموا في سبيلها ومن أجل انتصارها أرواحهم رخيصة ليمثل بكل المعايير خيانة لهؤلاء الشهداء ولتضحياتهم... لقد استشهدوا ليصنعوا الحرية والكرامة لكل لمن حولهم أو سيأتي بعدهم... استشهدوا وهم على ثقة بأن هناك من احفادهم وزملائهم وابنائهم من يواصل حملة الراية والمضي قدما نحو الغد الوطني الجنوبي الاكثر اشراقا وجمالا وأكثر أمنا وازدهارا.

لا  ننكر بأن هناك من أبناء هذا الوطن الانتهازيين والمصلحين والانانيين والجبناء ممن يقللوا من أهمية تضحيات وبطولات وانتصارات هؤلاء الشهداء والإساءة إليهم وتشويه سيرتهم ربما لشعورهم بهزيمة مشاريعهم وتبدد أحلامهم ما دون الوطنية  المتكاملة  مع قوى المشاريع الاستعمارية الإرهابية المعادية للوطن الجنوبي.. وهناك أيضا  من يسيئ للشهداء وبطولاتهم وتضحياتهم ممن يرتدون العباءة الوطنية الجنوبية ويجعلون من تضحيات الشهداء جسر عبور لتحقيق طموحاتهم الأنانية الخاصة أو الإثراء والتكسب والمراباة ببطولات وتضحيات الشهداء وانجازاتهم ويرتدون أقنعة الشرف والنزاهة والوطنية الجنوبية ويحملون في يدهم خناجر الأعداء لنحر  قضية الشهداء  وتضحياتهم  وإبادة الشعب وتطلعاته  ونضالاته الطويلة ويحلمون ويعملون دوما على وأد المشروع الجنوبي قبل استكمال كافة أهدافه الوطنية الجماهيرية النبيلة.

إن احتفاء الشعب بيوم الشهيد وهو رمزا معنوياً  وسياسيا ووطنيا لتخليدهم وعرفانا وتقديرا من هذا الشعب لكل ابنائه الشهداء.. وفي الوقت ذاته مناسبة لتجديد الوعد والعهد الوطني والشعبي لمن سبقونا في الشهادة  بالوفاء والمضي قدما في نفس الدروب التي اخطتوها لأنفسهم ووطنهم  حتى تحقيق كافة الأهداف والتطلعات التي أرادوها أن تكون  ولم يثنينا عن ذلك  مؤامرة الاعداء وحروبهم والتضحيات الجسيمة التي يحتم علينا دفها في سبيل النصر النهائي والناجز والمجد  والدعاء لشهدائنا الأبرار أن يتغمدهم  الله برحمته ويسكنهم الفردوس الاعلى من الجنة 
النصر والمجد والخلود للوطن ولشهدائنا الأخيار..