الدفاع عن الجنوب مهمة وطنية عامة وتاريخية بامتياز

✍️/ صالح شائف

 

يخوض الجنوب اليوم معركة وطنية تاريخية كبرى هي الأكثر شراسة على إمتداد تاريخه الكفاحي الطويل؛ وفي ظروف إستثنائية صعبة وقاسية ومعقدة للغاية؛ وليس هناك بالتأكيد ما هو أنبل وأعظم وأقدس من أن يدافع الجنوبيون عن حقوقهم وتاريخهم؛ وعن كرامتهم الوطنية ومستقبل أجيالهم القادمة؛ ويقدمون من أجل ذلك وبسخاء وطني نادر أغلى ما يملكون؛ وهي الأرواح الطاهرة والدماء الزكية؛ ناهيك عن الآلام والعذابات وأشكال المعاناة المختلفة التي صارت مزمنة في حياتهم.

إنها معركة مصيرية حاسمة وبكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ وستضع الجنوب أمام مفترق طرق متشعب ومتداخل المسارات؛ وهو ما يمثل إمتحانًا وطنيًا وتاريخيًا عسيرًا وغير مسبوق أمام الإرادة الوطنية الجنوبية؛ وأمام العقل السياسي الجنوبي بدرجة رئيسية.

ولذلك فإن الثبات الواعي والمدرك لطبيعة التحديات ومخاطرها وتعدد أشكالها ومصادرها؛ والمعزز بالصمود في وجه تلك المؤامرات والأطماع في هذه المرحلة المضطربه من حولنا؛ لهو السلاح الأمضى الذي سيمكن شعبنا من إلحاق الهزيمة بأعدائه ومواصلة مسيرته نحو تحقيق أهدافه الوطنية مهما بدا ذلك للبعض صعبًا أو بعيد المنال.

ولعل الضمانة الأكبر والمؤكدة لتحقيق كل ذلك؛ يكمن بمدى وحدة وتماسك جبهة الجنوب الداخلية التي أكدنا عليها مرارًا وتكرارًا؛ والتي صارت اليوم هدفًا مباشرًا وأولوية قصوى لكثير من القوى والأطراف المعادية؛ والتي تحاول العبث بها وتعطيل كل تقارب داخل الصف الوطني الجنوبي؛ من خلال بث سموم الفتنة وإثارة الشكوك بغية نزع ثقة الجنوبيين ببعضهم؛ ويصبح معها الكل خائفًا من الكل؛ وهذا ما يجعل الجميع أمام مسؤوليتهم الوطنية والأخلاقية؛ وأن ينهض الكل بدورهم وتأدية ما عليهم إزاء شعبهم وقضيته الوطنية.

إن مثل هذه المهمة الوطنية تتطلب بالضرورة التفكير جديًا وسريعًا بتشكيل جبهة وطنية جنوبية عريضة؛ لنتمكن من خلالها تعزيز وتماسك وحدة الصف الوطني الجنوبي ضمانًا لوحدة الموقف والإرادة والقرار؛ وهي الدعوة التي سبق لنا وأن دعونا لقيامها مرات عدة وبصيغ ومقترحات متعددة.

وأخيرًا نود التأكيد هنا بوضوح وصراحة تامة؛ بأن عملية الدفاع عن الجنوب اليوم تمثل إختبارًا وطنيًا حقيقيًا لمواقف كل القوى السياسية؛ فعندما يتعلق الأمر بمصير الجنوب وحالة الدفاع عنه والتصدي للأخطار المحدقة به؛ تسقط معها كل الحجج والمبررات والقناعات السياسية الخاصة التي تحول دون المشاركة في حمايته وبالطرق والأشكال المتاحة؛ فالوطن إنتماء وهوية؛ والوطنية ليست شعارات ومعارك وتخندق سياسي وإعلامي ضد الآخر الجنوبي المختلف بالرأي والموقف.