توقفوا عن الهذيان.. 30 نوفمبر استقلال وطن وتحرر شعب
سبق وأن تطرقنا وفي مناسبات سابقة وبشكل تفصيلي على ما تحتويه مفردة ( الجلاء ) في فهم وتوصيف أغلب القيادات الشمالية حين يتحدثون عن استقلال الجنوب؛ وهو ما يعكس أساسًا عدم اعترافهم الحقيقي بثورة 14 أكتوبر التحررية الجنوبية؛ التي كانت تتويجًا لنضالات شعبنا وكفاحه الممتد وتضحياته الغالية ضد المستعمر البريطاني على مدار 129 عاما؛ وتوجت بالاستقلال الوطني الناجز في 30 نوفمبر من عام 67.
فتوصيفهم هذا المخالف لحقائق الأمور ومنطقها التاريخي؛ يعبر عن رؤيتهم المغلوطة والمزيفة وإدعائهم الباطل بأن الجنوب فرع ( للشمال )؛ وبالتالي ومن هذا المنطق فالوحدة التي تمت معهم إنما كانت بمثابة ( عودة الفرع للأصل ) !!
وعلى هذا الأساس و( المنطق ) فرحيل المستعمر لم يكن بالنسبة لهم غير مجرد خروج قاعدة عسكرية من ( قطعة ) أرض كانت قائمة فيها؛ وهو هنا الجنوب كل الجنوب بالنسبة لهم؛ وبالتالي فهم ينكرون وجود الجنوب ككيان وطني كان قائمًا بذاته؛ شعب ودولة وهوية قبل أن يدخل معهم في وحدة طوعية وسلمية؛ وعلى قاعدة الندية بين دولتين وشعبين شقيقين عام 1990.
ولذلك لا غرابه من إصرارهم على إفشال مشروع الوحدة معهم والإنقضاض عليها بالحرب والعدوان على الجنوب وإحتلاله عام 94؛ ففيها تمت الترجمة العملية لأطماعهم المختبئة خلف شعارهم المغاير للحقائق والمتصادم أساسًا وبالمطلق مع التاريخ؛ من خلال إدعائهم الغبي والمفضوح من أن الجنوب مجرد فرع وقد عاد لهم وإخضاعه والسيطرة عليه هذه المرة بالحرب؛ وبعيدًا عن إتفاقية الوحدة التي كانت تجسيدًا لوجود طرفين نديين ومتساويين ليس فيهما من يملك صفة الأصل والآخر مجرد فرع.
إننا أمام حالة غريبة ومرعبة وموقف مقلق ومخيف؛ حين يتبنى مثل هذا التوصيف وبإصرار من قبل قيادات ورموز في أعلى هرم ( الشرعية )؛ وهم من نفترض بأنهم شركاء حقيقيون ومؤتمنون على قواعد الشراكة مع الجنوب في هذه المرحلة المؤقتة ولأهداف محددة ومتفق عليها؛ فكيف لنا أن نطمئن ونذهب معهم إلى مرحلة التسوية والإتفاق على استعادة حقوق الجنوب الوطنية؛ وهذا هو موقفهم المعلن بشأن الجنوب ورؤيتهم له ولمكانته والتنكر لتاريخه وبقائه في حسابات مصالحهم مجرد ذلك الفرع الذي ينبغي أن يكون ملحقًا دومًا بالأصل كما يتوهمون.
لقد دعونا مرارًا ونكرر دعوتنا هنا إلى اعادة تقييم ومراجعة الشراكة القائمة وبجدية وحسم؛ فمصلحة الجنوب ومستقبله وتاريخه وكل تضحياته لا تقبل الإنتظار أكثر مما قد سبق؛ أو الرهان على وعود أو إشارات من هذا أو ذاك من الأطراف الإقليمية والدولية؛ طالما وهذا هو موقف الطرف الآخر في معادلة الحل والتسوية التي لا تبشر بالخير للجنوب؛ اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد.