الذكرى الـ(57) لعيد الاستقلال الوطني الـ(30) من نوفمبر المجيد.. أهمية الحدث في التاريخ والوجدان الجنوبي

درع الجنوب - رشدي العُمري

 

تحل علينا الذكرى الـ(57) لعيد الاستقلال الوطني الثلاثين من نوفمبر المجيد، يوم طرد آخر جندي بريطاني من الجنوب عامة، والعاصمة عدن خاصة، وهو نتاج لثورة 14 أكتوبر المجيدة التي انطلقت شرارتها من جبال ردفان الشماء.

فالـ(30) من نوفمبر يعد يوماً يرمز إلى نضال طويل وشاق خاضه الآباء والأجداد من أجل الحرية والاستقلال.

ففي هذا التاريخ العظيم، من عام 1967م، طُويت صفحة الاحتلال البريطاني الذي استمر زهاء (129) عاماً، لتُعلن بعدها قيام دولة الجنوب المستقلة وعاصمتها عدن.

يُعد الثلاثون من نوفمبر يومًا فارقًا في التاريخ السياسي للجنوب، حيث شهد تتويج كفاح شعبنا الأبي بهذا النصر العظيم، الذي توحدت إرادته في وجه الاحتلال، مؤكدًا أن الشعوب الحية قادرة على تحقيق أهدافها مهما بلغت التحديات، حيث لم يكن الاستقلال حدثًا عابرًا، بل جاء نتيجة لثورة شعبية جسدها نضال وحراك شعبي كبير واجه القمع بقوة وصبر وثبات.

كما يحمل هذا اليوم العظيم في طياته الكثير من الدروس والعبر للأجيال الحاضرة والقادمة، فهو شهادة حية على أهمية الوحدة الجنوبية والتكاتف في مواجهة التحديات، حيث كان نجاح ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة بسبب ذلك التكاتف الكبير لأبناء شعبنا الجنوبي، إلى جانب التلاحم الشعبي القوي، حيث اتحدت القبائل والمناطق تحت راية التحرير والاستقلال. لذلك، فنحن اليوم بحاجة إلى وحدة الصف أكثر من أي وقت مضى، والابتعاد عن المناكفات واللهث خلف المصالح الشخصية والمتاجرة بمعاناة الناس، كي نتمكن من مواجهة التحديات الراهنة وتحقيق أهداف شعبنا المتمثلة في التحرير واستعادة الدولة الجنوبية المنهوبة.

إن تخليد ذكرى الاستقلال يعد مناسبة وطنية لاستلهام قيمه السامية وغاياته النبيلة، خدمةً للوطن، وإعلاء مكانته، وصيانة وحدته، والمحافظة على هويته، ومقوماته، والدفاع عن مقدساته وتعزيز نهضته.

نوفمبر ذكرى عظيمة، ويوم مجيد في تاريخ شعبنا. فالواجب علينا اليوم هو إحياء وتعزيز الوعي في الهوية الوطنية الجنوبية، وتجديد الاعتزاز بالإرث التاريخي والثقافي للجنوب الذي كان دومًا مهدًا للحضارات.

كما تكمن أهميته في تذكير الأجيال الناشئة بمدى معاناة الآباء للحصول على الحرية وغرس روح المواطنة وحب الوطن في قلوبهم.

تهل علينا ذكرى نوفمبر هذا العام وشعبنا الجنوبي يعاني الأمرين من تدهور في الحالة المعيشية، والمؤامرات والدسائس التي تحاك ضد شعبنا وقضيته. إلا أننا على يقين تام بأن هذه المعاناة سوف تزول، وسوف تشرق معها شمس الحرية لتعلن عن ميلاد عهد جديد تحت قيادة الرئيس القائد المناضل عيدروس قاسم الزبيدي، حفظه الله.

إن إحياء هذه الذكرى الخالدة لا يقتصر على الاحتفالات فقط، بل يشمل تعزيز الوعي الوطني الجنوبي، واستلهام روح الكفاح من الآباء المؤسسين الذين ضحوا من أجل حرية الوطن. كما نجدها فرصة لإعادة تقييم المرحلة الحالية، والعمل على بناء دولة الجنوب المستقلة وفق أسس العدالة والمساواة والديمقراطية، وتجديد العزيمة لاستكمال مسيرة التحرير والبناء، وتحقيق رؤية الدولة الجنوبية مستقلة ذات سيادة كاملة، كما كان عليه الحال قبل 21 مايو 1990م.

إن الاحتفال بعيد الاستقلال يمثل لحظة للقيام بوقفة تأملية تستحضر تاريخنا العريق الغني بالأمجاد والمحطات المشرقة، ومناسبة لاستلهام ما تزخر به هذه الذكرى من قيم سامية وغايات نبيلة، لإذكاء التعبئة الشاملة، وزرع روح المواطنة المتساوية، وتحقيق العدالة، وربط الماضي التليد بالحاضر المجيد والمستقبل الواعد.

وبهذه المناسبة أجدها فرصة أن أحيي قيادتنا السياسية والعسكرية والأمنية ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، وأبناء شعب الجنوب العظيم بالداخل والخارج، بمناسبة حلول الذكرى الـ(57) لعيد الاستقلال المجيد (30) نوفمبر، سائلًا المولى العلي القدير أن يعيننا على تحقيق أهدافنا، واستعادة دولتنا وعاصمتها الأبدية عدن.