24 أبريل .. ذكرى الانتصار الأكبر

تقرير / وديع باوزير

في عام 2015م  أراد نظام الإحتلال اليمني  أن يغرق حضرموت في ظلام تنظيماته الإرهابية، حين سلمت قواتُه العسكرية ساحلَ حضرموت التي تسيطر عليه إلى عناصر تنظيم القاعدة، دون ان تطلق قواته طلقة رصاص واحدة، وتم تسليم لواء 27 مدرع، ولواء 190 دفاع جوي، والشرطة العسكرية، والشرطة الجوية، والقاعدة العسكرية بمطار الريان، ومعسكر الأدواس، والأمن المركزي، والحرس الجمهوري والقوات الخاصة، والأمن العام، لتنظيم القاعدة كما سلم عشرات الآلاف من الضباط والجنود بنسبة 98% ينتمون الى اليمن الشمالي، بترسانتهم الضخمة، استسلموا لعناصر تنظيم القاعدة!!.

كما انسحبت كتيبة حماية الشركات النفطية، التابعة لقوات الاحتلال اليمني، في هضبة حضرموت، بشكل مفاجئ، رغم بعدهم عن الساحل، وعدم وصول عناصر التنظيم إليهم، وهو تكرار لسيناريو تسليم محافظة أبين، لتدمير الجنوب، وهذه المرة تمهيدًا لسيطرة الحوثيين على حضرموت، تحت شعار محاربة تنظيم داعش.

*بناء قوات النخبة الحضرمية*

استشعر أبناء حضرموت حجم المؤامرة عليهم، فتداعت قواهم القبلية، ومكوناتهم المجتمعية والشعبية، وقياداتهم العسكرية، وبدعم مباشر وكبير من دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم تأسست قوات النخبة الحضرمية، بقيادة اللواء عبدالرحيم عتيق، واللواء فرج البحسني، وزملائهم من الضباط الحضارم، وأقاموا معسكرات التدريب للشباب من كافة مناطق حضرموت، في منطقة "رماه" بصحراء حضرموت، كانت عزيمة فرسان النخبة الحضرمية خلالها تعانق السماء، وكان شعور الإنتماء إلى الأرض أقوى دافعًا لهم، ومع قرب انطلاق معركة التحرير بأيام، تم انعقاد اجتماع موسع في منطقة "شرورة" على الجانب السعودي، مع القيادة العسكرية الإماراتية، وكان على رأس الحضور اللواء عبد الرحيم عتيق، واللواء فرج البحسني، لدراسة خطة التحرير، واحتياجات قوات النخبة، ثم كان لقاء آخر في 18 إبريل 2016، في معسكر "خرب" بقيادة اللواء فرج البحسني، لتحديد ساعة الصفر.

*معركة التحرير*

في ليلة 23 أبريل 2016 م قاد اللواء الركن/ فرج البحسني، معركة التحرير وكان أول هدف لقوات النخبة الحضرمية  هو معسكر الأدواس، على مشارف مدينة المكلا، والذي يسيطر عليه تنظيم القاعدة، وتم تحريره فجر يوم 23 أبريل، بإسناد سلاح الجو الإماراتي  ، لتواصل قوات النخبة الحضرمية زحفها، نحو مركز المحافظة، تتقدمهم الفرق الهندسية لنزع الألغام وتمهيد الطريق، فخاضت معارك ضد عناصر التنظيم، وصولًا إلى منطقة "العيون"، فالمطار القديم، الذي استخدمه تنظيم القاعدة منطلقاً رئيسياً لعملياته الإرهابية ومعامل لتصنيع المفخخات، ويزود بها عناصره في شبوة وأبين وغيرها من المناطق، ومع تقهقر فلول التنظيم، وهروب قياداته، تحت ضربات قوات النخبة، وصلت النخبة الحضرمية إلى مدينة المكلا في 24 أبريل، لتلتحم بالجماهير، التي خرجت للشوارع، لأول مرة تهتف للقوات النخبة ، وتستقبل أبناءها الجنود بالعناق.

*عهد عسكري جديد*

تعددت فرحة الناس في ساحل حضرموت، فبينما سيطرت فرحة النصر والتحرير على المشهد، إلا أنها اختلطت بفرحة انتشار جيش هو من أبناء حضرموت، لم تعايش الناس مثل هذه اللحظات من قبل، فقد كانت نظرتهم للجيش أبان سيطرة نظام الإحتلال اليمني  على أنه عدو، الذي كانت مهمته حماية السلطات التي تنهب ثروات حضرموت ، وقتل متظاهري الحراك الجنوبي، في الشوارع والساحات والميادين العامة .

وكان  تنظيم القاعدة قد نفذ عمليات اغتيال الكثير من الضباط والجنود الحضارم في سياسة خبيثة لتصفية الكوادر الجنوبية في حضرموت وتتم عمليات الإغتيالات امام مرأى قوات نظام الإحتلال اليمني ، التي لم تحرك ساكنًا، ولم تلاحقهم، بل كانت مصالحهم تتناغم، وتتلاقى في خط واحد، لكن بعد 24 أبريل اختلفت علاقة الحضارم بالجيش، فهم من أبناء جلدتهم، ويتحدثون لهجتهم، ويتعاملون معهم في نقاط التفتيش باحترام، ولا يأخذون الرشاوي، ولا يمضغون القات أثناء دوامهم، ويرفعون أعلام الجنوب في نقاطهم ومقرات إدارات الأمن العام.

*تأمين ساحل حضرموت*

من أبرز المهام التي باشرتها قوات النخبة الحضرمية بعد استكمال تحرير ساحل حضرموت هي تأمين مداخل حضرموت الشرقية، ويتولى مهمتها إلى يومنا هذا لواء الأحقاف، بقيادة العميد غيثان البحسني، ويتولى لواء بارشيد بقيادة العميد عبد الدائم الشعيبي تأمين المدخل الغربي، ولأجل ذلك أطلقت قوات النخبة الحضرمية عدة عمليات عسكرية، لملاحقة فلول عناصر تنظيم القاعدة ، وتدمير أوكارها، ولانتشار جنود النخبة وتأمين الوديان والجبال، التي كان تنظيم القاعدة يتخذها معقلًا رئيسياً له، وينطلق منها لينفذ عملياته الإرهابية، في مختلف المناطق، ضد القوات الجنوبية، وكانت أبرز تلك العمليات العسكرية التي نفذتها قوات النخبة الحضرمية عملية "الجبال السود"، وعملية "الفيصل"، وعملية "سور المشقاص".

*دور الإعلام الإخواني المتناغم مع إعلام الحوثيين وإيران وقطر في استهداف النخبة الحضرمية*

بعد الإنتصارات والنجاحات التي سطرها أسود النخبة الحضرمية، ونجاحهم في تثبيت الأمن في حضرموت، شنت أطراف داخلية حملة تشويه وأكاذيب، ضد النخبة الحضرمية، فقد أساءت قناة اليمن الفضائية التابعة للشرعية للنخبة الحضرمية، وحاولت استهداف دور النخبة في عملية "الفيصل" بوادي المسيني، رغم المرحلة الحرجة التي يمر بها عموم الوطن، وحضرموت بشكل خاص.

وتبعها تصريح وزير الخارجية اليمني المدعو محمد الحضرمي، المسيء لقوات النخبة الحضرمية، واصفًا إياها بالمليشيات المسلحة، حينما قامت بمهمتها، في حفظ الامن والاستقرار ونجاحها في مكافحة الإرهاب وتأمين  الأموال الواصلة إلى حضرموت،  ونقلها إلى البنك المركزي.

وقد عبر الحضارم عن رفضهم لهذه الاستهدافات لأبنائهم الجنود، في أكثر من مناسبة، باحتجاجات شعبية، وبرسائل رسمية حينها من محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية  اللواء فرج البحسني، إلى الحكومة، وصف هذه الأفعال بالخطة الممنهجة، ومحاولة لتزييف للحقائق، وتقزيم انتصارات النخبة الحضرمية، ضد تنظيم القاعدة، في وادي المسيني.

أما القنوات الشمالية فهي متوافقة في موقفها ضد النخبة الحضرمية، فكانت القنوات التابعة للأخوان المسلمين والعفاشيين لا تختلف في موقفها عن قنوات الحوثيين، في تخادمهم مع عناصر القاعدة والدفاع عليهم و معاداة النخبة الحضرمية.

وخارجيًا تفوقت قناة الجزيرة القطرية بعداوتها للنخبة الحضرمية على قناة العالم الإيرانية، فمنذ طرد تنظيم القاعدة من ساحل حضرموت، شنت القناتان حملة تشويه عدائية ضد القوات الجنوبية في حضرموت ، وبعد تحرير ساحل حضرموت ركزت قناة الجزيرة القطرية في نشراتها الأخبارية، على نشر مواقع مقرات قيادة ألوية النخبة الحضرمية ومعسكراتها، مستخدمة الأقمار الصناعية، رغم عدم تجرؤها على فعل ذلك مع التنظيمات الإرهابية، أبان سيطرتها على ساحل حضرموت، بل كانت حضرموت خارج نطاق أخبارها.

*موقف قيادة الجنوب الرافض لتشويه قوات النخبة الحضرمية والداعم لها بقوة*

في ظل الحملات العدائية والممنهجة التي استهدفت قوات النخبة الحضرمية، ولا سيما من جهات في الشرعية الإخوانية  كان موقف القيادة الجنوبية واضحًا وقويًا بدعم حضرموت وقواتها وقيادتها وأمنها، في وجه الحملات التي تحاول النيل منها، جاءت أبرز هذه المواقف في زيارة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي لحضرموت، بعد عام من تحريرها، وقال  فيها:
. سندعم قوات النخبة الحضرمية حتى تسيطر على كامل تراب حضرموت.
. نرفض كافة حملات وأساليب التضليل والتشويه، التي تستهدف النيل من شرعية قوات النخبة الحضرمية والأحزمة الأمنية في كل محافظات الجنوب المحررة.
. هذه اللحظة التاريخية ما كان لها أن تكون، لولا المأثرة البطولية، التي سطرتها قوات النخبة الحضرمية، و أبطالها الشجعان، في ملحمة تحرير المكلا وساحل حضرموت.
. باركنا مخرجات مؤتمر حضرموت الجامع، ونجدد ونؤكد تأييد المجلس الإنتقالي الجنوبي المطلق لمخرجات مؤتمر حضرموت الجامع لتكون حضرموت إقليمًا بجغرافيته المعروفة ويتمتع بحقوقه السياسية السيادية كاملة غير منقوصة بعيدًا عن صنوف التبعية والانتقاص والإلحاق وستكون حضرموت كما يريد أبناؤها.
. حضرموت تضع الأسس المتينة للدولة الجنوبية الإتحادية بنظامها الفيدرالي بعيدًا عن تجارب الماضي غير الديمقراطية، فلا تابع ولا متبوع، ولى زمن التبعية والضم والإلحاق، ولا انتقاص ولا إقصاء ولا تهميش، ولا استنزاف، بل شراكة وتكامل.
. حضرموت الإنسان أولًا، الإنسان المدني الواعي، المحب للسلام، الإنسان الذي أنهكته المهاجر، وآن له أن يعود إلى وطنه الأول، ويستقر ليصنع تاريخًا.
. واختتم الرئيس الزبيدي  كلمته اثناء زيارته لحضرموت  قائلاً : أدعو أبناء حضرموت إلى الالتفاف الواعي والمسؤول، حول قيادة السلطة المحلية، والمنطقة العسكرية الثانية، وعدم السماح بتجزئة حضرموت، أو خلخلة نسيجها الاجتماعي، أو تركيبها الديموغرافي، أو العبث بجغرافيتها الإدارية والسياسية.

*إستمرار المؤامرات ضد النخبة الحضرمية يقابله صمود النخبة وثبات مواقف المجلس الإنتقالي الداعمة*

لم ولن تتغير مواقف قوى الإحتلال اليمني العدائية، بمختلف توجهاتهم وفي مقدمتهم جماعة الإخوان والحوثيون، والدول الداعمة لهم، مثل قطر وإيران، من حضرموت وقوات النخبة الحضرمية، فمنذ تحريرها لساحل حضرموت ورفضها عودة قوات الإحتلال اليمني ، إلى المنطقة العسكرية الثانية، واجهت النخبة حملات تشويه، من تلك الجهات المعادية المتحالفة مع الإرهاب، ولازالت تواجهها إلى يومنا هذا، وهذه المرة أرادوا إدخال ساحل حضرموت في فوضى تعدد القوات، بمحاولتهم إدخال قوات عسكرية لا تتبع المنطقة العسكرية الثانية، ولها قيادة مركزية، ولم تخض يوماً حربًا لأجل حضرموت، تركت وادي حضرموت المنفلت أمنيًا، وأرادت خلق صراعات في ساحلها الذي ينعم بالأمن بفضل الله، ثم بفضل سواعد أسود النخبة الحضرمية.

وحسم الحضارم أمرهم سياسيًا مستندين إلى قوة أبنائهم العسكرية، متمثلًا في مخرجاتهم الحضرمية الخالصة، فشتان بين أن تقرر حضرموت مستقبلها بإجماع منقطع النظير، تحت حماية قوات نخبتها الحضرمية، أنها إقليم يحمل اسم "حضرموت"، بجغرافيتها المعروفة، وبين أن يجتمع نفر في سيئون ، تحت حماية القوات الشمالية، التي غزت حضرموت، وقتلت أبناءها المسالمين ، في شوارع وادي حضرموت، ونهبت ثرواتها، لمحاولة احتلال  حضرموت من جديد واعتبارها  هي مجرد إقليم "شرقي"، بحسب ما قررته صنعاء، في فندق موفنبيك، لكي يجددوا الولاء والطاعة والخضوع، لشركاء شعار "الوحدة أو الموت"، رغم تغير شكل نظامهم السياسي، وعودته إلى النظام الإمامة السلالي، وهروب من صاغ مخرجات موفنبيك، إلى خارج أرضهم، لكنه الولاء الأعمى لمن اعترف بتدمير ونهب حضرموت، وفي المقابل هو رفضٌ لمخرجات أجمع عليها الحضارم وكل تلك المؤامرات فشلت سابقاً وسوف تفشل في المستقبل وحضرموت لن ولم تغرد خارج السرب الجنوبي وسوف يقف ابنائها إلى جانب المجلس الإنتقالي الجنوبي وقواته المسلحة حتى استعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة .