حضرموت.. لواء بارشيد سياج منيع في مواجهة الإرهاب
تقرير لـ درع الجنوب / منصور السومحي
في صبيحة يوم الخميس الثاني من أبريل/ نيسان 2015م استيقظ سكان مدينة المكلا على وقع سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي على مدينتهم، في مسرحية هزلية تكشف مدى تناغم جماعة الاخوان المسلمين وجناحها العسكري بجيش الاحتلال اليمني وأدواتها الإرهابية، حيث عمدت جحافل قوات المنطقة العسكرية الثانية بقيادة اللواء محسن ناصر قاسم على الانسحاب بالأسلحة الشخصية الى مدينة سيئون، عقب تسليم مدينة المكلا وكافة مديريات ساحل حضرموت، لعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، وترك المعسكرات بما فيها من أسلحة خفيفة، ومتوسطة، وثقيلة للتنظيم ليحكم سيطرته الكاملة على مدن ساحل حضرموت، وفرض نفسه سلطة أمر واقع، رغم محاولات التودد للمواطنين وتقديم نفسه كبديل عن الدولة؛ ولكن لم يستطع كسبهم وبل قوبل بعزلة مجتمعية، ورفض وسخط شعبي واسع.
تأسيس اللواء
وعقب تحرير العاصمة عدن من مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، وفي أثناء سيطرة التنظيم الإرهابي على مدن ساحل حضرموت، تتسارع الخطى لتشكيل ألوية قوات النخبة الحضرمية لخوض معركة التحرير وتطهير الساحل الحضرمي من قبضة عناصر التنظيم الذي حولها إلى إماره تابعة له ويحكم أهلها بالحديد والنار، وبعد وصول اللواء الركن هيثم قاسم طاهر وزير الدفاع السابق إبان دولة الجنوب ضمن قيادة قوات التحالف العربي إلى معسكرات تدريب قوات النخبة في صحراء حضرموت، تم التواصل مع قيادة المقاومة الجنوبية في العاصمة عدن وحضرموت واستدعاء 1500 فرد من أفراد المقاومة الجنوبية الذين شاركوا في معارك تحرير (عدن، لحج، أبين، الضالع) ونقلهم براً على دفعتين الأولى في تاريخ 3 أبريل 2016م والدفعة الثانية في 13 أبريل 2016م، بقيادة العميد حسن عبيد عرده الذين خاضوا إلى جانب إخوانهم في قوات النخبة الحضرمية معركة التحرير في 24 أبريل 2016م.
وبعد هزيمة التنظيم الإرهابي وتحرير المكلا ومدن ساحل حضرموت، وصلت الدفعة الثالثة من أفراد المقاومة الجنوبية بالعاصمة عدن عبر البحر في تاريخ 3 مايو 2016م، وتلتها دفعة رابعة بتاريخ 6 مايو 2016م وكان في استقبالهم اللواء الركن هيثم قاسم طاهر في معسكر البحرية بمنطقة خلف بالمكلا، والذي تم تخصيصه مقراً لأفراد المقاومة الجنوبية وبهذا تم توزيعهم إلى كتائب وسرايا وتوفير لهم وسائل الدعم اللوجستي والمعنوي، ليشكلوا بذلك النواة الأولى في تأسيس لواء الشهيد عمر بارشيد بتاريخ 8 مايو 2016م أحد الألوية العسكرية ضمن قوات النخبة الحضرمية (المنطقة العسكرية الثانية).
هجمات إرهابية
تعرضت قوات النخبة الحضرمية عقب تحريرها لمدينة لمكلا عاصمة محافظة حضرموت للعديد من الهجمات الإرهابية الغادرة بعد هزيمتها الساحقة لعناصر الشر والإرهاب، وكان للواء بارشيد نصيب من تلك العمليات الإرهابية التي يقف خلفها تنظيم القاعدة الإرهابي، حيث تم استهداف معسكر البحرية (مقر لواء بارشيد) بسيارة مفخخة وكانت تريد الوصول إلى داخل المعسكر، وبفضل اليقظة العالية التي يتمتع بها الافراد تمكنوا من تفجير السيارة أمام البوابة، وسقط على أثرها 12 شهيد بينهم ضباط برتبة عقيد، و28 جريح.
وعقب العملية الإرهابية الجبانة، ومن أجل تأمين مدينة المكلا من الجهة الغربية للساحل، تم تكليف العميد الركن علي حسن الجهوري بقيادة لواء بارشيد خلفا للعميد حسن عبيد عرده، وعملت قيادة اللواء على نقل الكتيبة الأولى والثانية مشاة إلى منطقة الغبر المدخل الغربي للمكلا، ومنطقة الخربة، ومنطقة شموسة، ومنطقة بروم؛ وفي تاريخ 18 يونيو 2016م استهدف التنظيم الإرهابي نقطة الغبر، وموقع منطقة بروم بتفجير سيارتين ملغومتين نوع دينا على متنها انتحاريين وأدى التفجيرين الى استشهاد 14 بينهم قائد نقطة بروم، وجرح 22 جميعهم من منتسبي لواء بارشيد.
وفي 20 يوليو 2016م وصلت الكتيبة الثالثة مشاة عبر البحر إلى مدينة المكلا قادمة من العاصمة عدن، وتم توزيعها مباشرة إلى سرايا ونقلها إلى معسكر ميفع حجر، وسرية إلى موقع على طريق مديرية وادي حجر، وبهذا يكون تم قطع الطريق على عناصر الإرهاب من الوصول إلى المكلا من جهة محافظة شبوة عبر شرج بن طالب، وآل باقروان، وصولا إلى وادي المسيني (معقل التنظيم سابقا)، وتأمين الطريق الدولي على طول الشريط الساحلي من ميفع حجر وحتى منطقة شموسه.
وتم تكليف العميد الركن صالح قائد راجح في 25 ديسمبر 2016م بقيادة اللواء خلفاً للعميد الركن علي حسن الجهوري بعد جهود حثيثة للواء في مواجهة الارهاب، وفي منتصف يوليو 2017م تم نقل مقر لواء بارشيد من معسكر البحرية إلى معسكر استراحة الجندي، وواصل منتسبي اللواء القيام بواجباتهم وحماية المدخل الغربي لساحل حضرموت، وعلى مقربة من وادي المسيني المعقل الرئيسي (السابق) لتنظيم القاعدة الإرهابي الذي يبعد عن معسكر الغبر حوالي 45 كلم، والذي ما تلبت تلك العناصر الاجرامية من التسلل بين الحين والآخر إلى الجبال المطلة على معسكرات الغبر وميفع وتقوم باستهدافها بقذائف الهاون، والقناصة، والاليات العسكرية على الخط العام.
ومع تعيين العميد الركن عبد الدائم محمد صالح الشعيبي قائداً للواء بارشيد في 7 سبتمبر 2017م خلفاً للعميد الركن صالح قائد راجح، أعادت قيادة اللواء النظر في خارطة الانتشار العملياتي للواء، وقامت بنقل قيادة الكتيبة الأولى مشاة من معسكر الغبر الى معسكر بروم، ونقل سريتان من موقع الخربة إلى موقع بروم واستراحة الجندي مقر قيادة اللواء.
عملية الفيصل
ونتيجة للتهديد الكبير الذي يمثله وادي المسيني الذي يعتبر معقل ومركز تدريب رئيسي للتنظيم الإرهابي على المكلا وساحل حضرموت، والقوات العسكرية المرابطة على الجهة الشمالية الغربية للمحافظة، عمل قائد اللواء العميد الركن عبد الدائم الشعيبي على التواصل مع قيادة قوات النخبة الحضرمية، وقيادة التحالف العربي بالمكلا والتشاور على وضع خطة عسكرية محكمة للسيطرة على الوادي، وبالفعل أُسندت للواء مهمة اطباق الحصار على وادي المسيني من ثلاثة اتجاهات، وتضييق الخناق على التنظيم الإرهابي، وقطع الامدادات لمدة يومين، ومن ثم تنفيذ خطة الاقتحام.
وتنفيذاً لمهمة الحصار؛ نقلت قيادة لواء بارشيد سرية من الكتيبة الأولى مشاة الى موقع العقيق شمال غرب بروم، ونقل سرية من الكتيبة الثانية مشاة الى موقع الخزان بمنطقة غيظة البهيش، ونقل سرية من الكتيبة الثالثة مشاة الى جسر المعابر المؤدي الى مديرية وادي حجر.
وفي 18 فبراير 2018م أعلنت قوات النخبة الحضرمية انطلاق عملية "الفيصل" لاجتثاث الإرهاب وتطهير وادي المسيني الذي يستغله تنظيم القاعدة لحشد مقاتليه وتخزين أسلحته في الكهوف والجبال، وكان للواء بارشيد دور بارز الى جانب قوات النخبة الحضرمية وبغطاء جوي من صقور القوات المسلحة الإماراتية في تطهير الوادي من براثن الإرهاب، اذ شارك اللواء بسرية في العملية واستشهد اثنين وجرح 12 من منتسبيه واحتراق طقم جراء استهدافه بعبوة ناسفة زرعت على جنبات الطريق المؤدي الى الوادي، وأجترح أبطال النخبة ولواء بارشيد أروع الملاحم ضد عناصر التنظيم وكبدوهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، رغم وعورة تضاريس الوادي واتساعه.
وعقب انتهاء عملية الفيصل وتحرير الوادي وإلحاق الهزيمة بعناصر التنظيم الإرهابي أُوكلت مهمة تأمين وادي المسيني الاستراتيجي المحاذي لمديريتي حجر وبروم بساحل حضرموت الى لواء بارشيد، وعملت قيادة اللواء على نشر سريتين الى موقع الوادي، ونقل الكتيبة الثالثة مشاة من معسكر ميفع حجر الى موقع الشديد، ونقل سرية الى مفرق مديرية يبعث، وسرية الى موقع القنطوب، وبهذا يكون تم قطع الطرق وخطوط الامدادات عن عناصر التنظيم الإرهابي، ومنع محاولة تسلل عناصره من محافظة شبوة، ومن وادي حضرموت عبر مديرية حريضه ويبعث، حيث وصل الانتشار العملياتي للواء على مسافة تقدر بـ135كم.
إنجازات اللواء
عقب نقل قيادة اللواء في 29 ديسمبر 2019م من استراحة الجندي الى معسكر الغبر، واصل اللواء تأمين المدخل الشمالي الغربي لمديريات ساحل حضرموت، بالتوازي مع أعمال تشييد وبناء مساكن للضباط والافراد، ومكاتب إدارية لقيادة اللواء، وعيادة طبية، ومخازن للأسلحة، وميدان للعروض العسكرية والتدريب.
- وقدمت قيادة قوات النخبة الحضرمية شهادة تقديرية لقيادة لواء بارشيد نظير ما قدمه اللواء من تضحيات ومهام قتالية في عملية الفيصل وتطهير وادي المسيني من الإرهاب.
- وحاز اللواء على كأس البطل في المسابقات الثقافية والفكرية بين ألوية النخبة لعامين متتالين، والوصيف لعام.
- وتحصل اللواء على ترس درع الوفاء.
- وأحرز كأس البطل لكرة القدم لعامين وكأس الوصيف لعام في البطولات الكروية لألوية النخبة.
- وتوج اللواء بكأس البطل لألعاب الساحة والميدان لعام واحد.
تضامن شعبي
استنفر الإخوان المسلمين آلتهم الإعلامية وذبابهم الالكتروني، ووجهوا حملاتهم الإعلامية، وقنواتهم، واقلام ناشطيهم ضد قيادة ومنتسبي لواء بارشيد، نتيجة للدور البارز الذي لعبه اللواء في دحر التنظيمات الإرهابية ومهاجمتها في اوكارها وافشال مخططاتها الاجرامية في ساحل حضرموت، وتأتي هذه الحملات الشرسة في محاولة لضرب العلاقة المتينة بين قيادة اللواء ومنتسبيه وبين أبناء حضرموت، لتتمكن جماعة الاخوان الإرهابية من تنفيذ مخططاتها وتقسيم حضرموت حتى يتنسى لها نهب ثروات ومقدرات المحافظة.
وخرج أبناء حضرموت في العديد من الفعاليات الشعبية للتضامن مع قيادة لواء بارشيد ضد حملات الإخوان المعادية، وآخرها فعالية جماهيرية لأبناء المديريات الغربية بمديرية يبعث، حيث عبر الأهالي عن دعمهم ومساندتهم للواء في القيام بواجباته وتأمين البوابة الغربية للساحل الحضرمي، والتصدي للتنظيمات الإرهابية.
وأكد رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت العميد الركن سعيد أحمد المحمدي في كلمته خلال فعالية مديرية يبعث: أن الإرهابيين فقط، هم من يكرهون قوات النخبة، أما أبناء حضرموت فيعبرون عن اعتزازهم وفخرهم بهذا المكسب والمنجز العسكري الذي تحقق لحضرموت كما يعتزون بوجود لواء بارشيد، الذي ينتمي أفراده لمختلف مناطق أرض الجنوب الحبيبة، ويؤدي دورا مهما في حراسة بوابة حضرموت الغربية، من التهديدات الحوثية، والتنظيمات الإرهابية.
وفي وقت سابق أصدر لواء بارشيد بياناً للرأي العام يوضح موقفه من الحملات الإعلامية الشرسة التي تحاول النيل من اللواء وعلاقته الراسخة بأبناء حضرموت وجاء فيه: يعلم الكل إن لواء بارشيد اتى الى حضرموت في مهمة واضحة ومحددة، وهي مساندة أبناء حضرموت وقوات النخبة الحضرمية في استئصال التنظيمات الإرهابية التي زرعتها قوى الشمال ومنها حزب الإصلاح خدمة لها وإبقاءً لهيمنتها على ثروات حضرموت.
وتابع البيان: نؤكد في لواء بارشيد أننا سنقف بكل حزم وقوة الى جانب أبناء حضرموت في وجه الساعين الى تقسيم حضرموت وتمزيقها ومحاولات إعادتها إلى باب اليمن تحت مسمى الأقلمة، التي تتخذ منه الشرعية المختطفة من قبل حزب الإصلاح وسيلة لإعادة السيطرة على حضرموت، كما نؤكد أن سلاح اللواء لن يصوب إلا إلى صدور أعداء حضرموت وناهبي ثرواتها ولن تتواجد قواتنا إلا حيثما تتواجد مصلحة حضرموت وابناءها.
ويعد لواء الشهيد عمر بارشيد أحد ألوية قوات النخبة الحضرمية، ونطاق خارطة انتشاره على المدخل الغربي للساحل الحضرمي، حيث شارك منتسبي اللواء في معركة تحرير المكلا في 24 ابريل 2016م من قبضة التنظيم الإرهابي عقب عام كامل من السيطرة عليها، وساهم بشكل فاعل في عملية الفيصل ثاني أكبر معركة بعد تحرير مدن الساحل، وأُكلت للواء مهمة اطباق الحصار على وادي المسيني من ثلاث جهات قبل العملية، وعقب تطهير الوادي أسندت له مهمة تأمينه، وشارك في العديد من عمليات مكافحة التنظيمات الإرهابية.