جواس الجنوب... القائد التاريخي الخالد في التاريخ الجنوبي وقواته المسلحة
دائما ما تستوقفنا حياة الرموز الخالدة التي تملأ دنيانا ببطولاتها وتشرئب هاماتنا بذكر سيرها التي لا تنسى ولا تفنى بل تتجدد فينا والاجيال، وإزاء ذلك دائما ما نجد ان هنالك أمورا مشتركة بين هؤلاء الرموز الخالدين في تاريخ ثورتنا التحررية وقواتنا المسلحة الجنوبية.
هؤلاء القادة العظام الذين استرخصوا أغلى شيىء في وجودهم وحياتهم " أرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية" في سبيل كرامة وعزة شعبنا المتطلع إلى غد ووطن حر ودولة جنوبية مستقلة من آيات عظمة مآثرهم اننا حين نتذكر بفخر واعتزاز مسيرة احدهم نجد انفسنا نخوض في صميم مآثر رمزا آخرا من رموز قواتنا المسلحة الجنوبية، وكأن لغة الكتابة عنهم تفرض على الكاتب والمؤرخ الالتزام بوحدة الصف الجنوبي والهدف الذي جسدوه وشيدوا ينيانه المرصوص في حياتهم وقبل ان يقضون نحبهم شهداء في ميادين وجبهات ذات الهدف التحرري الجنوبي.
*رمز ومدرسة عسكرية جنوبية*
اليوم ونحن نودع واحدا من اعظم القادة العسكريين الجنوبيين اللواء الركن ثابت مثنى جواس قائد محور العند وقائد اللواء 131 مشاه والذي طالته ومرافقيه يد الارهاب الغادرة الجبانة الاربعاء الماضي وارتقى شهيدا ليلحق برمزيته وسيرته العسكرية القيادية الملهمة بكوكبة من القادة الشهداء - اللواء جعفر محمد سعد واللواء علي ناصر هادي واللواء احمد سيف المحرمي واللواء محمد صالح طماح واللواء صالح قائد الزنداني والعميد عمر سعيد الصبيحي واللواء سيف العفيف والعميد منير اليافعي ابواليمامة والعميد يسري الحوشبي والعميد مجدي الغزالي ابوحرب والعميد عمر ناجي محمد وكل الشهداء الذين رسموا بدمائهم مسار هدف التحرير والاستقلال للجنوب واستعادة دولته وصاغوا ما علينا من مهام ومسؤوليات لتحقيق ذات الهدف ولعل اهمها واقدسها الذود عن الجنوب ومكتسباته وهويته وعقيدته وامنه واستقراره ولحمة نسيجه الاجتماعي.
إن الشهيد القائد اللواء ثابت مثنى جواس قد إنتقل بإستشهاده من حياة القائد العسكري الجنوبي الرمز في شخصيته القيادية الاستثنائية وفي شجاعته وحنكته واحترافيته وفي إنتصاراته المنجزة، الى مكانة المدرسة العسكرية القتالية والتربوية الوطنية الجنوبية التي ستستلهم منها الاجيال معاني التضحية والفداء وقيم القائد المحنك الشجاع.
لقد اعد الشهيد القائد اللواء ثابت مثنى جواس نفسه قبل غيره لان يكون نموذجا للشهادة والاستشهاد ومن خلال ذلك الايمان قدمته ميادين وجبهات وساحات الحياة العسكرية بالقائد العسكري الجنوبي الذي لا يهزم .. كيف لا وهو الذي تقدم الى ذلك النحو من السمو في مهمام قتالية قادها وكسب فيها كل معركة و على الخط الفاصل بين الحياة والموت كاد في أكثر من مرة أن يرتقي شهيدا، في الدفاع عن الجنوب عام 1994 م واثناء قيادته لواء باصهيب
*بطل قومي*
في حروب صعدة لم يجد نظام صنعاء بدا من إعادة اللواء جواس الى منصبه بعد ان تم تسريحه ضمن الكوادر والقيادات العسكرية الجنوبية و من خلال اللواء ،15 مشاه الذي كان يقوده وبعقيدة قائد جنوبي مدركا لخطر المشروع الحوثي الايراني إستطاع القائد البطل ثابت مثنى جواس كسر شوكة ذات المشروع المجوسي الارهابي وإلحاق هزيمة ساحقة بالمليشيات الحوثية في معقلها الاول وفي عقر دارها وكهفها ، إستطاع ان يكسب المعركة العربية القومية التي نخوضها اليوم من اول جولاتها غير ان نظام صنعاء كان قد أعد نفسه لخسارة الحرب وتحويلها الى مشروع إبتزاز للمنطقة ودول الجوار.
بعد تمكين نظام صنعاء الاخواني العفاشي الحوثيين التغلب على ما لحق بهم من هزائم على يد القادة العسكريين الجنوبيين وعلى راسهم اللواء جواس واللواء فضل حسن وغيرهم الكثير تم إقصاء اللواء جواس من قيادة اللواء 15 مشاه وتعرض لمحاولات إغتيال وتصفية جسدية مرات عدة ، لكنه ذلك القائد الصنديد الذي لا يهاب كيد الكائدين.
لم يتوارى الشهيد القائد بعد إقالته عن الانظار بل ظل حاضرا متحفزا لمواجهة مخطط حوثي اخواني وعفاشي خبيث يستهدف الجنوب ومكتسبات ثورته التحررية السلمية وما انجزه جناحها المسلح بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي قائد المقاومة الجنوبية وقتذاك في جوانب البناء والتنظيم والاعداد المبكر لمواجهة ذات المشروع الاحتلالي.
في 2015 م ونظرا لمكانته وخبرته وكفاءته العسكرية تم تعيين اللواء جواس قائداً لقوات الأمن المركزي بالعاصمة عدن وهي القوات التي كان يقودها المدعو عبدالحافظ السقاف المتورط في تصفية وتعذيب العشرات من ثوار الجنوب ، قبل القائد الجواس بذات المنصب تماشيا مع الهدف الذي يسعى الى تحقيقه وإنجازه في إطار الهدف العام للمقاومة الجنوبية،
تولى الشهيد القائد احد أهم جبهات المقاومة الجنوبية -بلة العند - واستطاع ان يشكل مع ابطال المقاومة الجنوبية حاجزا صلبا فشلت المليشيات الحوثية والقوات العفاشية من اختراقه للسيطرة على مديريات ردفان والالتفاف على جبهة الضالع ، وبعد تحقيق النصر الناجز وتحرير العاصمة عدن والعند وطرد مليشيات وقوات الاحتلال الى خارج الحدود الغربية الشمالية تولى الشهيد القائد ثابت مثنى جواس قيادة محور العند واللواء 15 مشاه.
*معركة التصدي للملشيات الاخوانية*
ظلت المليشيات الحوثية توضف كل إمكانياتها المادية والاستخباراتية وبتعاون مع جماعة الاخوان المسيطرة على اجهزة وسلطات الشرعية للإنتقام من اللواء جواس ، وكان على إدراك بذلك لكنه القائد الذي لا يهاب كيد الجبناء ،
وكان بوسعه إيثار السلامة و بمقدوره النأي بعيدا او البحث عن منصب أكثر أمانا وبعدا عن مسرح المواجهة مع خسة ونذالة قوى صنعاء ومليشياتها.. وكان بإمكانه التملص والتنصل عن اداء واجبه في الدفاع عن الجنوب ومكتسبات شعبه وقواته المسلحة عندما حرفت المليشيات الاخوانية مسار الحرب بشنها عملية إجتياح بربري إرهابي لمحافظة ابين ومنها الى العاصمة عدن في غسطس 2019 م ، كل هذا كان مكنا ، إلا أن قائدا بطلا جسورا مثل جواس لا يقبل على نفسه منذ ان التحق بالسلك العسكري تبرير التخلي عن واجب الدفاع على الجنوب والذود عن حياضه حيث كان من اوائل القادة العسكريين الجنوبيين البارزين الذين العلنوا التأييد للمجلس الانتقالي الجنوبي وأسندت إليهم مهام التخطيط ووضع خطة دفاعية والاشراف و قيادة وحدات القوات المسلحة الجنوبية في معركة التصدي للملشيات الاخوانية الارهابية .
كان اللواء ثابت مثنى جواس اكبر من ان تسكنه هواجس المتلفتين الى الماديات ، كان اعظم من ان ينال منه الارتياب او يمتلكه وهن التعويل على الغير .. لقد أيقن وآمن بعقيدة الشهداء منذ ان إرتدى بزته العسكرية أن الجنوب قضيته وانه المعني الاول في الدفاع عنه وان عليه أداء هذا الواجب حتى ينال شرف الشهادة .. إنها عقيدة الشهداء الابطال الخالدين.