يوم دُفنت "الوحدة" وارتفعت راية الاستقلال
تعود إلينا في هذا اليوم، السابع من يوليو، الذكرى الواحدة والثلاثين ليومٍ مشؤوم في تاريخ الجنوب، حين أنهى الفكر التكفيري والإرهاب السياسي وحدة الشراكة بين دولتي جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، لتقع بعدها دولة الجنوب تحت أحد أسوأ أشكال الاحتلال والإرهاب الذي شهدته المنطقة.. هذا اليوم لم يكن فقط احتلالا بربري، بل بداية لمأساة شعب بأكمله، تعرض لهجمة ممنهجة استهدفت هويته ووجوده وكرامته.
إلا أن ما يميّز شعب الجنوب هو قدرته الفريدة على تحويل النكبات إلى محطات للنهوض والصمود، والألم إلى أمل. ففي مثل هذا اليوم من عام 2007، وبعد سنوات من الاحتلال والقهر والاستبداد، انطلقت الثورة السلمية التحررية الجنوبية، لتؤكد أن إرادة الشعوب لا تُهزم، وأن الجنوب لن يقبل الاحتلال كقدر دائم.
لقد سطّر ابناء شعبنا و على مدى عقدين ونيف من النضال والكفاح التحرري ، ملاحم من التضحية في ميادين السلمية والمقاومة المسلحة، محققين معظم أهدافهم في تحرير الأراض، وطرد المليشيات والقوات الغازية، وتطهير الجنوب من الإرهاب الذي فُرض عليهم بفتاوى تكفيرية غريبة عن نسيجهم الثقافي والاجتماعي.
ورغم استمرار آثار الاحتلال، التي ما تزال جراحها تنزف في جسد الإنسان والأرض الجنوبية، إلا أن هذه الثورة ولّدت مشروعاً وطنياً عظيماً تمثل في المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أصبح الحامل السياسي لقضية الجنوب والمعبّر عن إرادة شعبه في استعادة دولته الفيدرالية المستقلة بحدود ما قبل مايو 1990م. هذا المشروع، الذي انطلق بتفويض شعبي، يواجه اليوم مؤامرات متعددة تهدف إلى تقويضه وإغراقه بالأزمات، لكن وعي شعب الجنوب وإصراره يشكلان درعاً صلباً في وجه هذه المخططات.
إننا، اليوم، أمام مسؤولية وطنية وتاريخية كبرى، تقتضي منا جميعاً، بمختلف مكوناتنا وفئاتنا، تعزيز الاصطفاف الوطني واللحمة الجنوبية، والوقوف صفاً واحداً خلف قيادتنا في المجلس الانتقالي الجنوبي، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، وإفشال كل المشاريع التي تسعى إلى إضعاف الجنوب وثورته ومكتسباته.
فالسابع من يوليو ليس مجرد ذكرى أليمة، بل هو علامة فارقة في مسيرة نضال شعب الجنوب، وبداية وعي وطني جديد، يؤمن بالتحرير الكامل والاستقلال الناجز، ويثبت يوماً بعد آخر أن شعب الجنوب، رغم كل الجراح، قادر على تحويل المحن إلى فرص، والظلم إلى ثورة، والانكسار إلى انتصار.