حضرموت هي الجنوب
هذه المحافظة، بأهميتها وثقلها التاريخي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وبما تمتلكه من نسيج اجتماعي موحَّد، مدني ومتحضّر، ومهني، متعلم ومتخصص، إلى جانب تفردها بامتلاك مخزون نوعي هائل من الكفاءات والقدرات والمهارات والقيادات في مختلف مجالات الحياة دون استثناء، أثبتت على مر الزمن نجاحاتها الكبيرة في الإعمار والتنمية داخل وطننا الجنوب وخارجه. فحيثما حلّ الحضرمي أو استوطن أو عمل، تتحرك عجلة التنمية والنهوض.
ستظل حضرموت موضع ثقة ورهان كل أبناء الجنوب، كرافعة جبارة للتحرر والنهوض واستقرار الدولة الجنوبية في الحاضر، وقاطرة لقيادة تروس التنمية نحو المستقبل المنشود.
حضرموت، في الفكر السياسي الجنوبي، هي الجنوب، والجنوب هو حضرموت.
وعلى النقيض من ذلك، تنظر إليها قوى الاحتلال وأعداء شعب الجنوب كأرض وثروات مشاع للفيد والنهب والسلب، يتطلعون إلى استمرار الهيمنة والسيطرة على ثرواتها، وحرمان أبنائها من خيرات وطنهم، والحيلولة دون توحد صوتهم المطالب بحقوقهم.
اهتمام الأعداء بالسيطرة على حضرموت نابع من وعيهم بأهميتها بالنسبة للجنوب، وأهمية الجنوب بالنسبة لحضرموت في انتزاع حقوقها وثرواتها، ويدركون جيداً أنه لا مستقبل للمشروع الجنوبي والدولة الجنوبية من دون حضرموت. ولهذا حشدوا كل إمكانياتهم ووسائل حربهم، وحبكوا المؤامرات والدسائس لتحقيق جملة من الأهداف المعلنة والواضحة لكل أبناء الجنوب، من أهمها:
الهدف الأول:
فصل وتدمير عرى الوحدة والعلاقة التاريخية التلاحمية بين حضرموت وبقية محافظات الجنوب، لإدراكهم أن مستقبل الجنوب مرهون باستمرار هذه الوحدة والترابط العضوي.
الهدف الثاني:
استمرار استحواذهم وهيمنتهم ونهبهم لثروات حضرموت، والإبقاء على وجود عسكري مباشر وثابت لحماية هذه الهيمنة، سواء بشكل مباشر من خلال التشكيلات العسكرية الموالية لهم، أو بشكل غير مباشر من خلال أدواتهم وأذرعهم الإرهابية القاعدية والداعشية.
الهدف الثالث:
تعطيل دور حضرموت وشل قدراتها ومؤهلاتها التاريخية والثقافية والبشرية والجغرافية والاقتصادية، كرافعة لبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المنشودة، وقاطرة لقيادتها نحو المستقبل المزدهر.. ويجري تنفيذ هذا الهدف من خلال ضرب وحدة النسيج الاجتماعي للمحافظة، عبر تفريخ الجماعات والكيانات والتيارات السياسية، أو من خلال فرض تقسيمها اجتماعياً وجغرافياً وفكرياً إلى حضرموت الوادي وحضرموت الساحل، وهو المشروع السياسي القديم الذي سعى إلى تنفيذه نظام علي عبد الله صالح لتقسيم حضرموت إلى محافظتين باستخدام مؤسسات الدولة التشريعية وسلطاتها الرسمية وأجهزتها القمعية، وهو ما تصدى له الحضارم بوعيهم وتماسكهم ووحدة مواقفهم وقوتهم، وتمكنوا من إفشال هذا المشروع في مهده.
هكذا عرفنا حضرموت دوماً: موطنًا للحضارة عبر عصور التاريخ المختلفة، وبيئة حاضنة للمدنية والتسامح والتعايش والإبداع الإنساني. تقاوم الظلم والقهر، وتحارب الغزاة بأساليبها ووسائلها الخاصة والناجعة، وترفض القيم والسلوكيات والثقافات العنصرية الدخيلة عليها، وتفرض قيمها المدنية والحضارية والوطنية والإنسانية على من يستوطنها، وحتى على غزاتها، عُرفت بمناعتها الذاتية أمام الأمراض الاجتماعية والسياسية، والظواهر الشاذة المضرة بشعبها.
حضرموت، بما تمتلكه من إرادة وعلم وفكر وكوادر، قادرة على امتصاص ضربات الخصم، وجديرة بمواصلة قيادة قاطرة الجنوب ومشروعه التحرري، وبناء دولته الفيدرالية الجنوبية.