من ثورة بن عبدات إلى مليونية "الهوية الجنوبية": حضرموت روح الجنوب وقلبه الجسور
يسجل تاريخ النضال التحرري الوطني الجنوبي في كل ثوراته وأطواره ومنعطفاته الدور الرائد لحضرموت في إيقاد وحمل مشاعل الكفاح المر والشاق. فقامت منها ثورة الآباء والأجداد الظافرة التي انطلقت أولى شراراتها من جبال ردفان الشماء في 14 أكتوبر 1963م، ومنها بدأت الشرارة الأولى لثورة الجنوب المعاصرة. وفي ميادينها وساحاتها، اكتسبت مقومات الاستمرار، ومنها ستكون خاتمة انتصارها وبداية بناء دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة.
ليس من فراغ أن تكون الاحتفالية المركزية والاحتفاء الوطني الجنوبي رسميًا وشعبيًا بالذكرى 61 لثورة 14 أكتوبر الظافرة في حضرموت، وتحديدًا في سيئون، المدينة التي تكتنز بإنسانها الثائر الأبي وعمرانها وعراقتها النضالية والتاريخية. استمرارية نضالات شعبنا الجنوبي لنيل حريته واستقلال وطنه واستعادة دولته بصيرورة وإباء، تحكي عناوين الحركة التحررية الوطنية الجنوبية التي كانت لحضرموت المبادأة والريادة في صياغتها بفعل الكفاح الثوري منذ ثورة ابن عبدات، ثم انتفاضة قبائل سيبان والمناهيل، بالتزامن مع انتفاضات قبلية عمت كل الجنوب مثل انتفاضة قبائل ربيز ويافع السفلى وبيحان ودثينة وردفان وحالمين والضالع ولحج والصبيحة، إضافة إلى انتفاضات عمالية وطالبية وجماهيرية في العاصمة عدن.
مثلَت هذه الانتفاضات وما رافقها من تصعيد التمهيد والتراكم الثوري لانطلاق ثورة 14 أكتوبر المجيدة 1963م من جبال ردفان الشماء بقيادة الشيخ والشهيد القائد راجح غالب بن لبوزة.
من حضرموت أيضًا انطلقت الشرارة الأولى للثورة التحررية الجنوبية المعاصرة، ومنها وفي ميادين الثوار الأبطال بسيئون، حاضرة الوادي والصحراء، تتواصل ذات التثوير التحرري الباسل ضد صلف الاحتلال الهمجي الإرهابي وقواته. وما مليونية 14 أكتوبر إلا جزء من ذات النضال الثوري التحرري الجنوبي الذي بلا شك سيرى العالم من خلال جماهيره المتحفزة المشاركة في مليونية الهوية الجنوبية، أن حضرموت هي صانعة التحولات الجنوبية الفارقة. وسيتأكد للجميع من الممثل الحقيقي لأبناء حضرموت، وأن حضرموت هي روح الجنوب وجوهر هويته وتاريخه وحضارته، وقائدة قطار ثورته وربان سفينة المضي قدماً صوب هدفه الأسمى والمتمثل في استعادة دولته كاملة السيادة.
تكتنز حضرموت على مر المراحل والمنعطفات المصيرية التي مر بها الجنوب، وفي سياق ثوراته التحررية، بدءًا من ثورة التحرر من الاستعمار البريطاني التي تكللت بالانتصار في 30 نوفمبر الأغر 1967م، وانتهاءً بثورة الجنوب التحررية المعاصرة من الاحتلال اليمني الإرهابي المتخلف، سجلًا عظيمًا وخالدًا ومتطورًا ومتجددًا، غنيًا وزاخرًا بالبطولات والمآثر.