جاليات الجنوب وأدوارها النضالية الرائدة
في صفحات الكفاح والتحرير المشرقة لشعب الجنوب في ثورتيه التحررية الأولى والثانية، تُحفظ الأدوار والجهود والتضحيات التي بُذلت، والأيادي الجنوبية البيضاء التي قدمت الدعم بسخاء، والأصوات التي هتفت من خارج الحدود ومن بلدان الاغتراب، فتُخلد لجالياتنا ما تُخلده لمن كان في ميدان وجبهات معارك دفاعنا الوطني، من مجد وأوسمة شرف المشاركة في صنع ما تحقق وأُنجز.
تاريخيًا، لعب الشتات الجنوبي دورًا حيويًا في دعم الوطن الأم الجنوب وثورته وثواره، وبناء دولته وتأمين استقلاله، وذلك في عمل نضالي شاق ومكلف لا يقل تضحية عن النضال بالداخل، من خلال التعبئة السياسية وتمثيل صوت وطنهم الجنوب في مواطن الاغتراب وتقديم الدعم للحركات الوطنية التحررية الجنوبية وثورة الحراك الجنوبي السلمي والكفاحي بكافة أشكاله وأنماطه ووسائله، فضح قوى الاحتلال وتعريتها ومواجهة لوبياتها في الخارج وإحباط ما تسوقه من أكاذيب وصور نمطية زائفة عن الجنوب وشعبه وقيادته ومقاومته وقواته المسلحة، بالإضافة إلى الدعم المادي للمشاريع الخدمية الإسعافية والإغاثية، والدفاع عن حقوق الإنسان في الجنوب وكشف جرائم قوى الاحتلال ومليشياتها وتنظيماتها الإرهابية.
اضطلعت الجاليات الجنوبية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بدور رئيسي في تسليط الضوء على القضية الجنوبية الوطنية، وقدمت وما زالت تقدم تجربة غنية في مشاركة وتعبئة الجنوبيين في الخارج والداخل على حد سواء، من أجل النهوض بحريتهم ومواصلة مقاومتهم وثورتهم حتى النصر والحفاظ على مكتسبات ما تحقق من إنجازات وانتصارات وتعزيز تلاحم الجبهة الداخلية والالتفاف حول قواتهم المسلحة وقيادتهم العليا ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي.
مثلت كل جالية جنوبية، من شرق آسيا إلى كندا، سفيرًا للجنوب وشعبه، واستطاعت أن تقدم من خلال تنظيمها الموحد ووحدة أنشطتها حول الهدف الواحد الذي يناضل من أجله كل جنوبي، صورة واضحة الملامح للأشقاء والأصدقاء عن الجنوب وشعبه وهويته وقضيته، كانت جديرة في محو الصورة المشوهة التي تسوقها لوبيات الاحتلال، وترجيح الكفة للسردية التاريخية والحضارية والوطنية للجنوب.
حمل المغتربون الجنوبيون، وحتى الذين لم تطأ أقدامهم أرض الجنوب، راية وطنهم من خلال الجاليات، وكانوا وما زالوا لسان حال شعبه وموقدًا من مواقد ثورته ورافعًا لمعنوياته وزخمه، أقاموا منذ المراحل الأولى للثورة الجنوبية حملات إعلامية لتوضيح القضية الجنوبية الوطنية التحررية وشرحها أمام الرأي العام العالمي، خصوصًا في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأوروبا والوطن العربي، ونظموا تجمعات ومظاهرات لدعم ثورة شعبهم الجنوبي، ونقلوا ملحمة شعبهم، ممثلًا بقواته المسلحة، في الحرب على الإرهاب في الدول التي يقيمون فيها، ما أسهم في تسليط الضوء على معاناة شعبنا الجنوبي وتضحياته ودوره في الحرب على الإرهاب، ودعم حقه في الاستقلال من احتلال إرهابي يمني.
يمكن القول إن جاليات الجنوب بالخارج كانت بمثابة العمود الفقري لدعم ثورة الجنوب على الصعيدين المادي والمعنوي، بل والسياسي والدبلوماسي، لذا تستحق أن تُوليها قيادتنا السياسية العليا، ممثلة بالرئيس عيدروس الزُبيدي، اهتمامًا كبيرًا، الذي قال مخاطبًا أمس الجمعة حشدًا من الجالية الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية: "نشعر بعظيم الاعتزاز بالروح الوطنية الوثابة لأبناء الجنوب في المهجر، نعتز ونفتخر بموقفكم الثابت والواعي لدوركم كسفراء للجنوب في دولة من أهم مراكز صنع القرار بالعالم".