انعكاس للاستقرار الأمني
اليوم، وفي أجواء الأمن والاستقرار التي تعيشها العاصمة عدن وبقية حواضر ومدن الجنوب، يعززها ويحميها مؤسسة أمنية وعسكرية جنوبية متكاملة ومعدة بشكل مهني احترافي رفيع. تؤدي مهامها وواجباتها الأمنية والعسكرية بشكل متكامل ومنسق، وباحترافية مهنية عالية، تتجلى نتائجها وثمارها من خلال الردع اليومي لمليشيات العدو الحوثي الإرهابية. وفي حالة الأمن والاستقرار التي ينعم بها المواطن، إلى جانب ما يتمتع به من حقوق وحريات يمارسها بثقة وبحرية كاملة.
هذا الأمن والاستقرار المجتمعي والسياسي، إلى جانب ما تمثله العاصمة عدن من حاضرة مدنية للتعايش والحوار والتسامح، ومنارة للقيم المدنية الحضارية والإبداعية، انعكس بمظاهر حضارية وحركة شبابية إبداعية فنية وثقافية ورياضية. وهي المظاهر التي تمثل جزءًا أصيلاً من خصائص جمالية العاصمة عدن وإرثها الحضاري والإنساني المتجدد.
بفضل المرابطين الأبطال الذين يسيجون الجنوب بأجسادهم في جبهاته الحدودية، وانعكاسًا للاستقرار الأمني الذي تشهده مدن الجنوب، منها العاصمة عدن، وترجمة لرؤية قيادتنا العليا ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي نحو إعادة وهج الأنشطة الرياضية في الجنوب، شهدت محافظات الجنوب، عدن وحضرموت وشبوة وأبين وسقطرى، أنشطة ودوريات رياضية كروية حماسية، حفلت مدرجاتها بالجماهير الحاشدة. وشوهد عشرات الآلاف من الجماهير الرياضية تعبر عن تشجيعها لهذا الفريق أو ذاك في المدرجات والشوارع بطريقة حضارية، أعادت التذكير بفترات ذهبية سابقة عاشها الجنوب، أي قبل احتلاله واجتياحه في صيف 1994 وتدمير مؤسساته وكوادره وتهميش أنديته وكوادرها الرياضية.
وبما أن الرياضة وأنشطتها ومنافساتها التي شهدتها معظم محافظات الجنوب، وعلى رأسها العاصمة عدن ومدينة المكلا، قد حظيت بمتابعة وزخم جماهيري غير مسبوق منذ احتلال الجنوب صيف 1994، فينبغي التوضيح أن الرياضة تحتل موقعًا متقدمًا بين أولويات الدول والمجتمعات المثقفة الواعية. وتعتبر أحد مصادر "الفخر الوطني والقومي" للدول الحديثة، وعاملاً محوريًا في تعزيز الوعي والانتماء الوطني، وأبرز عناصر قوتها الناعمة. ويسري ذلك على الدول المتقدمة والأقل نموًا، التي تخوض حرب وجود واستعادة لسيادتها وهويتها من احتلال متخلف وحاقد يوظف كل أدوات ووسائل الإرهاب والتخريب والتدمير والتشويه والمحو ضدها حتى لا تنهض وتستقيم على قدميها وتستعيد ملامحها وزخمها.
ففي مساء الجمعة الماضية، شهدت العاصمة عدن، بحضور الأستاذ علي عبدالله الكثيري، القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، رئيس الجمعية الوطنية، نهائي النسخة الثانية من بطولة كأس العاصمة عدن لكرة القدم، التي أقيمت برعاية انتقالي العاصمة عدن، وبتنظيم وإشراف اتحاد الكرة ومكتب الشباب والرياضة بالعاصمة. وقد جمع النهائي بين التلال ونظيره الشعلة على ملعب الشهيد الحبيشي بمدينة كريتر، وانتهى بتتويج الأول بعد أن قلب تأخره بهدف إلى فوز بهدفين.
فقبل انطلاق مجريات المباراة، امتلأت مدرجات الملعب بالجماهير الشعلاوية والتلالية، وضجت المدرجات بالأهازيج التي تغنى بها جيل الآباء قبل ثلاثة عقود، وأعادت عدالة الزمن وصلها بجيل الأبناء، جيل الجنوب الحديث ورهان مستقبله الزاهر في مختلف المجالات الرياضية والثقافية والعلمية والفنية. فرسان المضي قدمًا نحو استعادة دولة الجنوب، الذين يتصدرهم المرابطون في الجبهات الحدودية وفي كافة مسارح مكافحة الإرهاب وحفظ الأمن والاستقرار والسكينة العامة.
وأمام هذا المشهد الذي يجمع إبداعات ومواهب في ميادين المستطيلة الخضراء، وشجاعة وإقدام وتفانٍ وإخلاص من في ميادين وجبهات الدفاع عن الجنوب والذود عن أمن شعبه ومكتسباته ومصالحه العليا، يتجسد معنى "الجنوب يجمعنا" في كل معترك وميدان، والعمل كل من مكانه وحيث هو في سبيل رفعة الجنوب واستعادته دولة ووطن نعيش فيه بحرية وعزة وكرامة.