فيما الإرهاب يستنفر غربانه الناعقة .. قرارات سيادية استعادت السيطرة على الجهاز المصرفي
قراران اصدرهما مؤخرا، البنك المركزي الشرعي بالعاصمة عدن ، لتتغير معادلة المعركة الاقتصادية والمالية وتنقلب موازينها ، بخطوة واحدة تأخرت كثيرا، وعلى أمل ألا تتأخر الخطوات التي ستتلوها، حتى تصبح العاصمة عدن مركزا ماليا، لا مسرحا للأزمات المفتعلة, وتلاها قرار وزارة النقل بشأن طيران اليمنية وتحديدا نقل إدارتها الرئيسية إلى العاصمة عدن، ثم وزارة الاتصالات، تلزم شركات الهاتف بالانتقال إلى العاصمة عدن، وتصحيح أوضاعها القانونية، وتوريد المبالغ المحصلة إلى الوزارة، وقبل كل ذلك قرار، كان قرار، نقل المنظمات الدولية من صنعاء إلى العاصمة عدن.
بهذه الخطوة التي هي سيادية بامتياز، بدأ من الواضح أن الأمور لن تسير حتى النهاية لصالح خصوم شعبنا واعدائه، لا سيما في المعترك الاقتصادي بمختلف قطاعاته، الذي ألقى بظلاله على كافة الجوانب والاصعدة.
وبالعودة الى ذي بدء، قبل قراري البنك المركزي، وما تلاه من قرارات وزارة الاتصالات والنقل، ترأس الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، اجتماعا إستثنائيا لرئاسة المجلس الانتقالي ووزرائه في الحكومة، أكد فيه أن استمرار الوضع القائم لم يعد مقبولا، والمجلس الانتقالي الجنوبي لن ينتظر إلى مالانهاية تجاه فشل الحكومة وعجزها، واستمرار تدهور الأوضاع المعيشية، ووصولها إلى حد فاق قدرة أبناء شعبنا على الصبر والتحمّل، وأضاف بالقول :"المجلس الانتقالي، كيان سياسي من شعب الجنوب وإليه، ولن يكون أبداً بعيد عن معاناته، كما أن لديه من القدرة والشجاعة ما يكفي لتحّمل مسؤولياته الوطنية تجاه شعبنا" وبعد ذلك تفقد زار الرئيس القائد، سير العمل في البنك المركزي وجدد دعمه لقراراته الهادفة حماية القطاع المصرفي وفي اليوم التالي، ترأس اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء.
الشاهد ان جهودا تضافرت ، وقادها الرئيس القائد من سلطتيه في مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي وانطلاقا من مسؤوليته إزاء الشعب والوطن ، ونجحت تلك الجهود في الإمساك بزمام مربط الفرس، والبدء بخطوة السيطرة على حلبة السوق المالية والمصرفية، انطلاقا من الاطاحة بجواد رهان المليشيات الحوثية، وهي البنوك التي لا تخضع للبنك الشرعي بالعاصمة عدن، لكنها كانت تضفر بجل مزاداته وعملته الصعبة، لتكون بالمحصلة دخل الحوثي وإيراده الاول، ومصدر تمويله للمجهود الحربي.
لسنا بصدد الاجابة على سؤال له صدى ارتياح واسع في الرأي العام الجمعي.. من ايقض البنك المركزي عدن، لينتفض كطائر الفينق بعد سبات عميق، ويبادر بمهامه ويتخذ إجراءات سيادية، أعادت الاعتبار لشرعيته وسيادته وسلطته النقدية العليا وبوصفه النافذة المالية للتعامل مع الخارج والهيئات الدولية، بقدر محاولتنا تقديم مقاربة مركزة عن اهمية ودلالات القرارين، المتسقين مع مهام البنك المركزي، باعتباره الجهة الوحيدة التي تكون قراراتها نافذة كونه المؤسسة المالية الشرعية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي.
ما يهمنا هو أن القرارين الذين قضيا بإيقاف التعامل مع ستة بنوك رفضت نقل مقراتها من صنعاء إلى العاصمة عدن وذلك بعد إنقضاء مهلة الستين يوما، وكذا سحب الطبعة القديمة من العملة الصادرة قبل 1016م وهي الطبعة التي تفرض المليشيات الحوثية التعامل بها.
يصب هاذين القرارين في مصلحة الأمن القومي للدولة، حيث أنهما يعدان من أهم خطوات السيطرة على الجهاز المصرفي والإشراف عليه، عوضا أن القرارين والإجراءات المتخذة والتي ستتلو بالضرورة، سوف تسهم في مكافحة الإرهاب من خلال تعزيز الرقابة على مصادر التمويل وتحويلاته المصرفية وتتبع حركة الأموال عبر بنوك وشركات والمصارف بهدف منع مساهمتها في تمويل التنظيمات الإرهابية، ومتابعة اصولها المالية من شأنها أن تعمل على تجفيف مصادر التمويل ومكافحة الإرهاب وهو ماهو معمول به في كل البنوك المركزية للدول، لا سيما وان هناك مصارف وبنوك وقعت في مخالفات و تعرضت لعقوبات دولية.
هذه المهمة التي تمثل من أساسيات مهام البنك المركزي، ومرتبطة ارتباطا جوهريا وعضويا في مكافحة الإرهاب على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، تستوجب من قيادة البنك المركزي متابعة إتخاذ القرارات والإجراءات، فيما يتصل بالبنوك ال 6 التي رفضت قرارات البنك المركزي في نقل مقراتها الى العاصمة عدن، فإيقاف التعامل معها، يجب ان يعزز الرقابة عليها اكثر ويضعها تحت المجهر، فهي في هذه الحالة تعمل وتنشط تحت سلطة المليشيات الحوثية المصنفة كمنظمة إرهابية والمعروفة بنشاطها في غسيل الاموال وتمويل الارهاب بالمال والسلاح.. فمكافحة الإرهاب يبدأ بتجفيف مصادره المالية، وهذا لن يتحقق إن كان هناك نظام غير رسمي لتحويل الأموال كما هو الحال السائد في الشمال المسيطر عليه قبل المليشيات الحوثية الإرهابية.