ورقة عمل / ملحمة تحرير المكلا ومناطق ساحل حضرموت ..المآثر والبطولات والأهمية والأبعاد
الـ 24 إبريل 2016 في هذا اليوم الخالد وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة ، تمكن أبطال قواتنا في النخبة الحضرمية ، هزيمة وإحباط أكبر و اسوأ مخطط إرهابي ، استهدف روح الجنوب وعمقه التاريخي والحضاري ومنطلق ثوراته التحررية حضرموت ، اجترحوا واحداً من اعظم إنتصارات الحرب على الإرهاب .
هذا اليوم الخالد، في سجل مؤسستتنا العسكرية وتاريخ وذاكرة ووجدان شعبنا، تبددت أحلام وطموحات التنظيمات الإرهابية ، خسرت وظيفتها كأداة ووسيلة إحتلال ، وخسرت معها قوى وأطراف معروفة برهانها على الإرهاب لخلط الأوراق في الجنوب بهدف الإستمرار في إحتلاله ونهب ثرواته.
في هذا اليوم المجيد 24 إبريل 2016 م تلقى تنظيم القاعدة الإرهابي ، أقسى هزيمة وأكثرها ألما ووجعا ونزيفا معنوياً ومادياً ، تسببت في إضعافه على مستوى فرعه في الجزيرة العربية والعالم ، ورأى المراقبون ، أن ما كانوا يعتقدونه صعباً بل مستحيلاً، قد أصبح فعلاً ونصراً ملحمياً على أرض الواقع، أدركوا نتيجته من جملتين.. .. إنها باختصار "إرادة الشعب وحنكة القيادة وقوة ووفاء الحليف " إرادة شعب جبار، لا يمكن قهرها .. وهكذا هي إرادة وقوة شكيمة وصلابة ابناء جضرموت بشكل خاصة وشعب الجنوب بشكل عام على مر الأزمنة والعصور .
ولعظمة هذا اليوم في الحاضر والمستقبل ، نظم المركز الإعلامي للقوات المسلحة الجنوبية بالهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي في العاصمة عدن ، حلقة نقاشية تحت عنوان *”24 أبريل الإنتصار الاكبر.. الأهمية والأبعاد"* قدمت فيها ورقتين .
هدِف المركز من الحلقة النقاشية مواصلة تخليد هذه الملحمة البطولية والمساهمة في تحليلها و دراستها وتوثيقها توثيقا دقيقاً وشاملا يليق بعظمتها ، هذه الحلقة النقاشية ، ليس فقط لنحتفي فخراً واعتزازا وزهوا بذلك النصر الذي صنعه ابطال قواتنا في النخبة الحضرمية ، بل لنخلده في ذاكرة أجيالنا ، ندرس ونحلل بعمق ونوثق ملحمة تحرير ساحل حضرموت ، توثيقا شاملا يليق بعظتها ، في سجلنا الوطني التاريخي وفي المراجع والمناهج الدراسيه العسكرية الوطنية، والاستفادة من دروسها وتجربتها في كل مسارح الحرب على الإرهاب داخل الجنوب وخارجه.
ولأهمية ما جاء فيها ينشر موقع ”درع الجنوب“ ورقة المركز الإعلامي للقوات المسلحة الجنوبية تحت عنوان ( 24 أبريل الإنتصار الأكبر.. الأهمية والأبعاد) تحدثت الورقة عن الذكرى الثامنة لتحرير مدينة المكلا ومناطق ساحل حضرموت من سيطرة التنظيمات الإرهابية التي مثلت أداة ووسيلة دموية ، لقوى سياسية وعسكرية غازية، سعت الى توظيف مئات من الإرهابيين خريجي السجون ومن بعض ضباط الأمن القومي والسياسي اليمني وكتائب جماعة الإخوان المسلمين ، وطوابير من الضباط والجنود اليمنيين ، العاملين في التشكيلات العسكرية التابعه لنظام الاحتلال ، الذين خلعوا بزاتهم العسكرية، وغادروا ثكناتهم العسكرية ، ليرتدوا عبايات تنظيم القاعدة الإرهابي ويلتحقوا في صفوفه وفق إستراتيجية جديدة للإحتلال اليمني، تغيرت مسمياتها وتشكيلاتها العسكرية السابقة وغيرت رايتها وشعاراتها ومسمياتها "الجمهورية" أو "الوحدوية" إلى شعارات ورايات قاعدية وداعشية مع الاحتفاظ بنفس المعدات والأسلحة التي كانت في حوزة جيش عفاش والإخوان ، واستبدلت مسميات الجمهورية بالدولة الإسلامية والمحافظة بالولاية..
وتناولت الورقة التحول السريع والمفاجئ التي سبقته تحضيرات و إعدادات مبكرة ، تم خلالها وضع تعهدات واتفاقيات وخطط مسبقة ومتفق عليها بين قوى الإحتلال اليمني للجنوب بمكوناتها الإخوانية، الحوثية واذرعها الأمنية والعسكرية والإرهابية المختلفة .. ظناً منها بأن هذا التحول سيضمن لها استمرار الإحتلال والوصاية والسيطرة على الجنوب ونهب ثرواته.. بل ذهبوا الى ما هو ابعد من ذلك، في تحويل المكلا عاصمة محافظة حضرموت الى قاعدة إنطلاق لإستكمال السيطرة الإرهابية القاعدية الداعشية على حضرموت وشبوة والمهرة وصولاً إلى عدن ، فيما تظل محافظة مأرب قاعدة الإمداد اللوجستي المادي والبشري لمكون السيطرة الإرهابية.
لم يمضِ وقت طويل من سيطرة تنظيم القاعدة الإرهابي على ساحل حضرموت ، حتى تكشفت للرأي العام ومنه أبناء حضرموت ، الذين أدركوا قبل غيرهم خيوط واسرار تسليم جيش الإحتلال اليمني لرديفه وممثله البديل، تنظيم القاعدة الإرهابي ، مدينة المكلا وكافة مناطق الساحل بكل ما فيها من معسكرات ومعدات وترسانة عسكرية ضخمة من أسلحة ثقيلة ومتوسطة دون أي مقاومة تذكر ، وبدون أن تطلق طلقة رصاص ، غير تلك التي أطلقها أبناء حضرموت في تصديهم للقاعدة، واستشهد الكثير منهم .
وتطرقت الورقة النقاشية إلى المؤامرة الدنيئة وصفقات الاستلام والتسليم التي أبرمها محتل لا ينتمي إلى حضرموت ولا يمتلك فيها ذرة رمل ، ومستلم يماثله في الحال والسوء و الحقارة ، سبق وإن باع عقيدته للشيطان وقبل على نفسه أن يكون قاتلاً مأجوراً و إرهابياً و أداة إحتلال رخيصة، إن ما حصل في المكلا في 2 ابريل 2015 كان أشبه بزلزال هز كيان، ابناء حضرموت ، وإستنفر روحها وإرادتها الوطنية كبيرها وصغيرها ، شبابها وشيوخها، رجالها ونساؤها ، للنهوض بجسارة الفعل الوطني التحرري الموحد.
واستعرضت الورقة دور حضرموت الريادية كعادتها في التخطيط وإدارة وتنظيم وتوجيه الفعل الوطني الجنوبي الثوري التحرري السلمي والعسكري.. إنبرت طليعة قيادية شجاعة باسلة وبحجم التحدي ، ممثلة لكل حضرموت وقيادتها العسكرية والأمنية والسياسية والإجتماعية والقبلية.. الخ . هذه النخبة القيادية تواصلت مع بعضها في سلسلة إجتماعات متتالية ، و بدأت بعد أقل من أسبوعين من تسليم حاضرة حضرموت المكلا لتنظيم القاعدة الإرهابي ، وتمكنت من وضع رؤية إستراتيجية واضحة المعالم والتوجهات وقصيرة في مداها الزمني لتحرير حضرموت الساحل، بدءاً بإنتزاع المكلا كعاصمة وذات رمزية وثقافية وتاريخية وعسكرية من بين مخالب وأنياب غول الإرهاب اليمني بعباءته القاعدية الداعشية الجديدة ..
كما تطرقت الورقة إلى الرؤية والإستراتيجية اتسمت بالواقعية والديناميكية والشمولية ، وتكامل اهدافها ووسائلها وأشكالها العملية والنضالية ( السياسي والإجتماعي والأمني الاستخباراتي والإجتماعي القبلي والإقتصادي)، مع إعطاء الاهمية والأولوية للعمل العسكري.. حيث وضعت القيادة في صدارة واجباتها الملحة مهمة تأسيس وبناء تشكيلات عسكرية قتالية تمثل مختلف ابناء مديريات حضرموت ومن خيرة شبابها الابطال ..
وهذا التوجه والمهمة الكبيرة ما كان لها أن تتحقق لولا نجاح النخبة الحضرمية وقيادتها العسكرية في التواصل مع دول التحالف العربي وبالذات دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان على رأس هذه النخبة اللواء ركن فرج سالمين البحسني ، واللواء احمد سعيد بن بريك ، وكلاهما يشغلان اليوم نواب الرئيس القائد عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي .
وبعد مرور أكثر من شهر على تسليم المكلا لتنظيم القاعدة الإرهابي ، بدأت تظهر إلى الوجود باكورة التشكيلات العسكرية الحضرمية " النخبة الحضرمية " التي تشكلت لبناتها الأساسية ومحاور ارتكازها الرئيسية من قادة وضباط وصف ضباط وجنود حضارم سبق لهم الخدمة والعمل في الجيش والأمن الجنوبي، بعضهم كانوا متقاعدين او بالأحرى مسرحين قسراً ، وبدأت تأسيس عدة معسكرات تم فيها تدريب وإعداد الشباب المقاتلين في وقت قياسي، وفي ظروف طبيعية ومناخية قاسية جداً وتفتقر لأبسط الإمكانيات اللازمة والمطلوب توفرها في مثل هكذا حالات، من معسكرات وثكنات خاصة لإقامة الجند ومعيشتهم وتدريبهم..
وتطرقت الورقة النقاشية في هذا الإتجاه لدور دولة الإمارات العربية المتحدة الأسبقية والفضل في بناء وتجهيز وتسليح قوات النخبة الحضرمية بناء احترافي متكاملاً في مختلف الجوانب بالإضافة إلى الحس الوطني لدى ابناء حضرموت وشجاعتهم وإقدامهم وثقافتهم الراقية والزخم والإرادة الجماهيرية التحررية وقوة الإنتماء والشعور الرفيع بالمسؤولية الوطنية و بالواجبات الدينية والأخلاقية التي يتفرد بها ابناء حضرموت ، كل هذه وغيرها من الخصوصيات الوطنية الجنوبية الحضرمية والسجايا الذاتية للفرد والمجتمع بشكل عام، مثلت شروطاً ذاتية وعوامل موضوعية ، ليس فقط لتأسيس وبناء قوة النخبة الحضرمية، ولكن أيضًا في صناعة إنتصاراتها السريعة في تحرير مدينة المكلا ومناطق ساحل حضرموت بزمن قياسي ومن خلال عمليات عسكرية نوعية ومدروسة وخاطفة، لكنها زاخرة بالتضحيات والمآثر البطولية التي أذهلت العدو قبل الصديق وحيرت المراقبين الدوليين و الإقليميين حين شاهدوا تحرير المكلا ورأوا بأم أعينهم ، ما كانوا يعتقدونه مستحيلاً وقد أصبح واقعياً ، واحتاروا وهم يبحثون عن إجابة أو تفسير لما حصل وكيف حصل، ولكنهم لم يجدوا غير الإجابة في جملتين.. إنها باختصار "إرادة الشعب وحنكة القيادة وقوة ووفاء الحليف " إرادة الشعب التي لا يمكن تجاوزها أو إستغفالها أو قهرها وهزيمتها .. وهكذا هي إرادة وقوة شكيمة ابناء جضرموت بشكل خاص والشعب الجنوبي بشكل عام.
كما تطرقت الورقة الى عملية تحرير حضرموت الساحل من تنظيم القاعدة الإرهابي كمحطة تاريخية جديدة وفارقة في تاريخ حضرموت والجنوب بشكل عام.. وحرياً بكل وطني جنوبي أن يعتز بهذه الملحمة و الإنجاز البطولي ، وان يحتفي به كما يقتضي الواجب وتضحياته وبحجم ما تحقق وأنجز ، وأن ينقل بطولاته إلى الأجيال ويمجد صناع نصر عسكري وجودي ومصيري تحرري سنفاخر به نحن ومن بعدنا من الأجيال امام الشعوب ، ونعبر فيه ومن خلال سرد مفاخره بالشكر و الإمتنان لدولة الإمارات العربية المتحدة.
واشارت الورقة إلى ان هذه الذكرى السنوية لتحرير المكلا وساحل حضرموت تعتبر حدث تاريخي، و ليس مجرد مناسب احتفائية بنصر كبير ، ولكنها أيضًا محطة تاريخية ينبغي أن تقام فيها الفعاليات والندوات لدراسة وتحليل ملاحمها و ماحصل بكل ابعاده .. بإعتبار ذلك واحداً من أهم فصول تاريخ حضرموت وتاريخنا الوطني الجنوبي المعاصر بشكل عام وتاريخ العلاقة والشراكة المصيرية مع دول التحالف العربي .
*الأهمية والقيمة التاريخية الوطنية لمعركة تحرير المكلا وساحل حضرموت* :
واستعرضت الورقة عملية تحرير المكلا وكل مدن ساحل حضرموت ، من حيث أهميتها وأبعادها، تعتبر ذات قيمة وطنية وتاريخية إستثنائية رغم أنها لم تحظى ، حتى الآن بالدراسة والتحليل الكافي واللازم لإستنباط الأهمية والابعاد والانتصارات والتضحيات والأمجاد وتوثيقها للاجيال .. في هذا الموضوع نحاول تسليط الأضواء على بعض من أهم وأبرز ما تمخضت عنه هذه العملية وباختصار :
1- كشفت أبعاد المؤامرة التي تحيكها القوى اليمنية وفي طليعتها جماعة الإخوان والمليشيات الحوثية، ضد الجنوب ارضاً وانساناً، وكشفت أن هذا العدو لن يتوانى في استخدام أبشع وافضع الأدوات والجرائم التي لم نعرف مثيلاً لها في تاريخنا الوطني ولم تشهدها البشرية ، وذلك في سبيل استئثار تلك القوى الاحتلالية الإرهابية ، بموارد وثروات الجنوب وشعبه، وفي سبيل ذلك لم تتردد من إقتراف و إرتكاب افضع الجرائم الإنسانية ، و تدمير كل قيم وأسس بنيان الدولة والمجتمع والتآمر مع أي طرف داخلي أو خارجي كان، لبيع أوطانهم وشعوبهم.. وقدر لوطننا الجنوب وشعبنا ، التعامل مع مثل هكذا عصابات إجرامية تعتقد بأن وطننا الجنوب إقطاعية خاصة بهم ، وشعبنا مجرد عبيد لا يستحق الوجود والبقاء على أرضه أو امتلاك وبناء دولته ومشروعه الحضاري .
2- لقد تكشف للعالم أجمع، حقيقة مشروع الجماعات والتنظيمات الإرهابية ، التي تم تخليقها وصناعتها داخل معسكرات ومؤسسات نظام وسلطة الإحتلال اليمني الإخواني وامتداده المعاصر المتمثل بالحوثيين .. وان الإرهاب بمسمياته المختلفة يمثل جزءاً من منظومة سلطة الإحتلال، تم تصدير بذوره وزراعة شأفته في الجنوب وتجذيره وتعزيز روافده الفكرية والبشرية والعسكرية، واستخدامه كعبوات ناسفه لإستهداف الجنوب من داخله، وهذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي كانت باكورة اعمالها الإرهابية لتصفية قيادات الجنوب في صنعاء واستخدامها في حرب احتلال الجنوب عام 1994م ولاحقاً ضد الحراك الجنوبي وثورتة السلمية، بالتكامل مع منظومة سلطة الاحتلال الامنبة والعسكرية.. وبإسم القاعدة ،التي نفذت أكبر عملية تصفية للقيادات العسكرية والامنية والسياسية والشخصيات والرموز الاجتماعية الجنوبية في تاريخ الوطن الجنوبي حتى الآن .
3- لقد عملت قوى الإحتلال اليمني إلى تحويل بعض اراضي الجنوب وصحاريها ووديانها إلى معاقل حصينه للتنظيمات الإرهابية الدولية على مستوى الجزيرة والوطن العربي ، وعلى المستوى العالمي.. وخلق للجنوب مشكلة مزمنة طويلة المدى، تستنزف الكثير من موارده وطاقاته المادية والبشرية ومن مكانته وسمعته الدولية والإقليمية، وأدخلته في حرب مفتوحة مع الإرهاب الدولي ، لازال الجنوب وشعبه وقواته المسلحة وحتى اللحظة يواجهها وحيداً، فيما العالم وجميع الدول المعنية بالحرب الكونية على الإرهاب لا زالت في موقف خامل تراقب هذه الحرب المفتوحة عن بعد رغم الخسائر التي يتكبدها وطننا وشعبنا ورغم النجاحات التي حققها حتى الآن في إلحاق الهزائم الساحقة بتنظيم القاعدة وتدمير بنيته و معاقله وتقليص خطر الإرهاب على الأمن الإقليمي والدولي .
4- انتصار المكلا وساحل حضرموت بشكل عام ، بدد من أحلام وطموحات التنظيمات الإرهابية القاعدية والداعشية ، من إيجاد موطئ قدم لبناء الدولة و الإمارة الإسلامية التي كانو يحلمو بها في الجزيرة العربية .. ومن ناحية أخرى أن هذا الإنتصار اسقط واحرق في الوقت ذاته، واحداً من أوراق الرهان الكبيرة وأدواتها الإرهابية المختلفة التي تستخدمها قوى الإحتلال ومليشياته لإضعاف وتدمير الجنوب واستمرار إحتلاله ونهب ثرواته .. وهذه الورقة والمعركة الحقيرة والخبيثة التي افتعلوها تضاف إلى غيرها من الأوراق والمعارك التي انتصر فيها شعبنا في معاركة التحررية على مختلف الصعد وفي كل ساحات المواجهات السلمية والأمنية والتنموية والعسكرية المفروضة عليه.
5- في هذه المعركة حشد تنظيم القاعدة معظم قواته البشرية من مختلف الأماكن لاسيما بعد السيطرة السهلة على المكلا التي تحولت إلى موطن لتجميع العناصر الإرهابية القاعدية والداعشية، من مختلف مناطق اليمن وبعضها قدم من دول أخرى ، وفي أذهانهم مشروع بناء إمارة ودولة إسلامية.. الأمر الذي مكن قوات النخبة الحضرمية، من القضاء على عدد كبير من الإرهابيين المحترفين الذين كان يعول عليهم كثيراً في هزيمة ابناء حضرموت والجنوب ، وبناء وتأمين إمارتهم التي يحلمون بها..
ولاشك أن الأموال التي إستولوا عليها قد ساعدتهم في استقطاب وإغراء الكثير من العناصر للإنخراط في هذه المعركة التي مني فيها تنظيم القاعدة بخسائر بشرية كبيرة ، هي الأكبر والأول من نوعها على الساحة الجنوبية وفي الجزيرة العربية..
6- هزيمة تنظيم القاعدة الإرهابي في حضرموت الساحل وإن كانت تمثل أحد أقوى الضربات وأكثرها ألماً وتسببت في إضعاف التنظيم على مستوى فرعه في الجزيرة العربية والعالم.. إلا أنه لايمكن القول بأنها انتهت: فالكثير من قيادتها العقائديه والدولية وتلك القيادات التي تخرجت من مدارس الأمن القومي أو السياسي اليمني ومن جامعة الإيمان والمعاهد الإخوانية ، مازالت في حضرموت ونقصد هنا في حضرموت الوادي حيث سيطرة المنطقة العسكرية الأولى الموالية لجماعة الإخوان وفي المحافظات اليمنية ” مأرب والبيضاء وتعز “ ، وقد لاحظنا خلال سنوات ما بعد تحرير المكلا كيف أن الكثير من هذه القيادات أصبحت فريسة سهلة للطائرات الأمريكية وبعضها لقيت مصرعها على يد قواتنا في عمليات عدة كان أبرزها عملية ”سهام الشرق“ في ابين وعملية ”سهام الجنوب“ بشبوة .
7- لقد حاولت بقايا قوى الإحتلال وعلى رأسها جماعة الإخوان التي تستخدم هذه التنظيمات الإرهابية أن تهرب من حقيقة الضغوط التي تمارسها دول التحالف عليهم بشأن الإرهاب ، بأن أوكلت للمليشيات الحوثية مهمة قيادة وإدارة وتوجيه وحماية هذه التنظيمات الإرهابية ، بشراكة مبطنة معها، بهدف توفير ملاذ آمن وتوظيفها بشكل مشترك للنيل من الجنوب و قيادته وقواته المسلحة ومؤسساته الأمنية والدفاعية .. واليوم يمثل الإرهاب وتنظيماته الإرهابية واستخدامها ضد الجنوب أحد القواسم المشتركة للتخادم الحوثي - الإخواني ومعهم الناعقون تحت مسميات الحفاظ على الوحدة اليمنية "الاحتلال اليمني للجنوب العربي بأي ثمن ".
8- واحدة من أهم الأبعاد الاقتصادية والعسكرية واللوجستية لعملية تحرير المكلا ، تتمثل في أنها سيطرت على ميناء المكلا وحررته من القاعدة التي كانت وظفته على مدار سنة 2016 كاملة لصالح انشطتها الإرهابية ونافذة رئيسية للواردات والصادرات في البلد بشكل عام ويتحكم فيه " تحالف حوثي اخواني "من رجال المال والأعمال والمهربين واستخدموه كمركز رئيس للإمدادات العسكرية للحوثيين الذي كانت تهرب من خلاله مختلف المعدات والأسلحة والأجهزة ابتداءً من الطلقة وانتهاء بالصاروخ إلى جانب ما كان يأتي من إيران من دعم على شكل مواد عينية من خضار وفواكه وأدوية وزيوت ووقود وأغذية ومعدات مختلفة من محركات للسيارات والالكترونيات والصواريخ والمسيرات ..الخ البعض منها كان يباع في السوق لصالح دعم المجهود الحربي للحوثيين والبعض الآخر خاص بالاستخدام في المجال العسكري الحوثي .. ما من شك أن الأموال التي استولت عليها التنظيمات الإرهابية من بنوك ومؤسسات حضرموت أو تلك التي كانوا يجنوها من ميناء المكلا ومن مصادر إيرادية أخرى شكلت ثروة كبيرة لهذا التنظيمات ومدتها بدعم مالي هائل لازالت توظفه وتستخدمه إلى جانب مواردها الخارجية الأخرى في حربها ضد الجنوب .
9- البعد الإجتماعي والسياسي لهذه العملية أكدت وبجلاء للرأي العام العالمي أن الواقع والمجتمع الحضرمي والجنوبي بشكل عام بتوجهاته وقناعاته الدينية الوسطية والمعتدلة يرفض كل اشكال التطرف والغلو والإرهاب ويمثل بيئة طاردة للفكر والقناعات والتنظيمات الإرهابية وكانت الهزيمة السريعة التي مني بها تنظيم القاعدة الإرهابي ومثلها المليشيات الحوثية، اكدت هذه الحقائق ، كما أكدت أن الإرهاب وعناصره لا تمتلك حاضنة اجتماعية في الوسط الجنوبي، الذي يرفض التطرف والإرهاب ، وما نشاهده اليوم من إرهاب انما هي صناعة شمالية بامتياز بتخادم مع اطراف ومؤسسات إقليمية ودولية لها مصالح وأهداف شتى ومتباينة من استخدام التنظيمات الإرهابية على ساحة وطننا الجنوب .. وان شماعة الشيوعية وشعارات وفتاوى ودعوات حشد وتأليب الجماعات الإرهابية من مختلف بقاع الأرض لمحاربتها واجتثاثها ، قد تعرى زيفها و سقطت وفقدت مفاعيلها منذ الحرب على الجنوب في صيف عام 1994م حين تحولت إلى شعارات وواقع احتلال وفيد ونهب وقهر وضيم لشعب الجنوب، ولازالت مستمرة رغم الإنتصارات التي حققها شعبنا على طريق استعادة وطنه ودولته .
10- البعد العسكري يتجلى قبل كل شيء في قدرة كوكبة من القادة والضباط المؤهلين المخلصين لوطنهم وشعبهم ونجاحهم في تأسيس وانشاء واعداد وتدريب قوة عسكرية نوعبة قوامها عدة آلاف في وقت قياسي ..كما يتجلى أيضاً في التخطيط وادارة المعركة وتنسيق العمليات الهجومية من عدة محاور والتأمين اللوجستي لسير المعارك.. والأهم من ذلك هو العمل الاستخباراتي والعمل الدقيق والفعال في أوساط العدو وتحقيق أكبر قدر من نجاح العمل التعبوي والسياسي والثقافي وسط الشعب ..
إن الأهمية في هذا النجاح لا تقتصر في تحرير عاصمة المحافظة المكلا ومنشآتها الحيوية.. بل أيضاً وهذا هو الأهم في إدارة مناطق ومحافظات الجنوب المحررة وتطبيع الحياة فيها ومنع كل أشكال الفوضى والنهب للممتلكات العامة والخاصة ، كما لم يحصل هناك أي فراغ إداري او سياسي أو امني .. ونجح العمل الأمني والعسكري المخطط والمدروس بشكل مبكر في ملاحقة الخلايا الإرهابية النائمة والوصول إلى اوكارها والإطاحة بها ، والخلايا التي عمد التنظيم على زراعتها ونشرها في الوسط الإجتماعي بهدف إرباك الوضع بعد التحرير، وبالقدر ذاته كانت هذه الخلايا الإرهابية عاجزة عن القيام بأي هجوم مضاد ومحاولاتها التي قامت بها باءت بالفشل ، ومنيت بخسائر تفوق قدرتها على دفع الثمن بمثل هكذا مغامرات فاشلة.
وفي الخلاصة يمكننا القول أن معركة تحرير المكلا من تنظيم القاعدة الارهابي ، مثلت بكل المقاييس تجربة نوعية فريدة في كل الجوانب ولها قيمة وطنية وتاريخية وعسكرية واجتماعية وسياسية كبيرة يتحتم علينا دراستها وتحليلها بكل عمق وشمولية وتوثيقها بما تستحق في السجل الوطني التاريخي وفي المراجع والمناهج الدراسيه العسكرية الوطنية فهي قابلة لإعادة استنساخ والتطوير والاستخدام الوطني وفي كل مسارح الحرب على الإرهاب داخل الجنوب.