عاصفة الحزم.. معطيات حول ما تحقق وأنجز وما تعثر
في فجر السادس والعشرين من مارس 2015م، إنطلقت شرارة عاصفة الحزم وإعادة الأمل في تحالف عربي عسكري بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، أعاد لأمتنا مهابتها ووضع حد رادع للمشروع الإيراني الإرهابي التدميري.
في هذا اليوم الخالد من تاريخ شعبنا وأمتنا، كنا على الأرض وفي ميدان المواجهة والتصدي لذات المشروع الإرهابي، متسلحين بالإرادة الصلبة، وقد رأينا كيف، أشعلت عاصفة الحزم في أولى شرارتها مواقد ومشاعر الحماس في أوساط ابطال المقاومة الجنوبية، لتتغير معادلة المعركة من الدفاع الأسطوري الى الهجوم الكاسح الذي ألحق بالمشروع الإيراني ومليشياته الإرهابية سلسلة من الهزائم انطلاقاً من العاصمة عدن.
جاءت عاصفة الحزم وإعادة الأمل كضرورة فرضتها الحاجة الملحة المشتركة بين دول المنطقة لاسيما دول الخليج العربي وعلى افتراض أن اليمن معها وفي مقدمة المهمة، لمواجهة تهديد وخطر إيراني وأدواته كالمليشيات الحوثية، لكن أثبتت الوقائع ومع أول طلقة من هذه العملية العسكرية العربية، أن شريك دول التحالف العربي على الأرض كان وسيظل هو الجنوب ومقاومته وقواته المسلحة.
أفرزت عاصفة الحزم وإعادة الأمل ومنذ عامها الأول ثلاث حقائق لا ينكرها إلا جاحد ، لعل أولها، أنها جاءت وكما أشرنا آنفا، كضرورة لبت الحاجة الملحة لدول المنطقة العربية في تعزيز أمنها واستقرارها واختبار قدرتها العسكرية لردع مهددات جد خطيرة مصدرها إيران واذرعها.
هذا الإختبار لم يكن عسيراً ولا ينبغي حساب كلفته، كما أنه لم يكن قابلاً للتردد، طالما وإيران وقتذاك قد كشفت مخططها وبصورة علنية على لسان البرلماني الإيراني، علي رضا زاكاني، المقرب من مرشد الملالي علي خامنئي إن "ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران", مشيرًا إلى أن صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بمركز الشر الإيراني.
المسؤول الإيراني وحسب وكالة رأسا، أوضح أن إيران تمر حسب قوله بمرحلة "الجهاد الأكبر" منوها أن هذه المرحلة تتطلب سياسة خاصة، وتعاملا حذراً من الممكن أن تترتب عليه عواقب كثيرة، وفي توضيحه وتنويهه كشف أن الهدف لن يتوقف عن العاصمة اليمنية صنعاء التي تهيأت قواها لهذا الإنتقال وعبرت وقتها وبلسان قيادات حزب الإصلاح الإخواني المسيطر على سلطة القرار في المؤسسة الرئاسية والحكومة والجيش، بأنها لن تنجر لمواجهة الحوثي والتصدي لمليشياته، بل وسخرت كل إمكانياتها لفتح قنوات شراكة مع الحوثي، من خلال زيارات وفود رسمية الى معقل زعيم المليشيات الحوثية بصعدة، في وقت كانت المليشيات تشق طريقها الى صنعاء، كان هذا الموقف ، أشبه بإجراء تنفيذي لسياسة حزب الإصلاح الإخواني المعادية للمملكة العربية السعودية والجنوب، ولاعتبارات تتعلق بالتلاقي الإخواني الحوثي ومشتركات فكرية ومواقف وأهداف.
قدمت مقولة "لن ننجر" التي اختزل بها حزب الاصلاح الإخواني موقفه من المليشيات الحوثية، المعطى الثاني الذي افرزته عاصفة الحزم وإعادة الأمل، حيث كان ذات الموقف في قائمة التعقيدات الظاهرة والخفية، التي واجهت عاصفة الحزم وحالت دون استكمال أهدافها، وإعاقة إنجازاتها على الأرض لاسيما في الشمال وعملت من خلال إختراقها لقنوات الدعم اللوجستي البري والمعلوماتي والإعلامي للعاصفة على تشتيت هذا المجهود واستنزافه، بل وسعت الى إستخدامه لحرف مسار المعركة نحو الجنوب وضد دول التحالف العربي وتحديداً المملكة وبصورة فجة ضد الإمارات التي لعبت دوراً محورياً في الإنجازات التي تحققت بالجنوب على يد ابطال المقاومة الجنوبية وبمشاركة ميدانية للقوات الإماراتية، وفي هذا الصدد يبرز المعطى الثالث الذي يحسب لعاصفة الحزم وللجنوب كشعب وقضية وهدف ومقاومة مسلحة، سبقت العاصفة وصراع قوى صنعاء وبروز المخالب الإيرانية الحوثية بعقود.
هذا المعطى كحقيقة ماثلة على أرض الواقع ومعادلة الصراع العربي الإيراني قبل عاصفة الحزم وحين انطلاقها وفي الحاضر والمستقبل، مفادها ان الجنوب وشعبه ومقاومته وقواته المسلحة كان وسيظل على الدوام الحليف الصادق لدول التحالف العربي، وهو المكسب الإستراتيجي الذي يشكل إضافة نوعية لأمن واستقرار المنطقة، والتفريط به لإرضاء بؤر المخاطر والمهددات الإيرانية وتحت اي مبرر، لن يسفر إلى إنهاء لمكاسبه المتحققة وفي سياق حتمية إستعادة دولته كاملة السيادة، لأن ذلك ضرباً من ضروب المستحيل، غير أن الانزلاق في التعاطي معه في سياق المعالجات لصراع قوى صنعاء وترتيب بيتها الملغوم بالمشاريع والاحداث المعادية لنظم وأنظمة وأمن واستقرار المنطقة والعالم ومصالحه، يعني إلقاء المنطقة في دوامة جديدة من الحرب وعدم الاستقرار.