شعبان لا يلتقيان.. يوم الأرض في الجنوب ويوم خرافة الولاية بالشمال
يقول هيغل في ديالكتيك السيد والعبد أن "العبد هو من يؤجل رغباته حتى موت سيده" في الحقيقة ان الفيلسوف الالماني فيلهلم فريدريش هيغل، مات قبل قرن تقريبا، من ظهور عبيد العصر، الذين يعتقدون أن تحرير أرضهم من سطوة الكهنوت، تكون فقط في تمكينه من احتلال ارض الاحرار الذين تصدوا للخرافة وطردوا مليشياتها وارهابها من أرضهم، في ملاحم بطولية كانت كلفتها عشرات الالاف من الشهداء والجرحى .
لقد اوضحت الذكرى الـ 29 لإحتلال الجنوب، فروقا شاسعة بين الشمال والجنوب غير قابلة للالتقاء والتقارب في مساء أمس الأول عمت مدن ومناطق الشمال الواقعة تحت سيطرة الحوثي، إحتفالات عيدية بيوم ما يسمى بعيد الغدير، في تقبل واضح للحكم السلالي العنصري وإقرار بالطاعة لخرافة الحكم الإلهي الزائف لعبدالملك الحوثي وسلالته، في المقابل إحتفلت مدن الجنوب وفي طليعتها حضرموت بيوم الارض الجنوبي، الذي جاءت ذكراه ال 16 وشعب الجنوب، يتنفس الحرية التي جُبل عليها، لاسيما وأن وجل اراضيه، باتت محررة من الاحتلال الكهنوتي والارهابي، ولم تبق سوى وادي وصحراء حضرموت والمهرة، التي تشهد ثورة حرية وتحرير ،في فعاليات جماهيرية حاشدة كالتي شهدتها اليوم مدن حضرموت الساحل والوادي والصحراء.
حالة الطاعة وتقبل حكم الخرافة السلالية في الشمال، لا تقتصر على ابناء الشمال الواقعين تحت سطوة ودموية المليشيات الحوثية ، الذين قد يكونوا في حالة إكراه ، مع أن الإكراه مهما كانت وحشية ادواته ووسائله، لن يجبر الحر على الإحتفال بحق ظالمه في ابدية حكمه وظلمه، بل تنسحب ودون إكراه، على ابناء الشمال، لاسيما قادة النخب السياسية وطوابيرهم الإعلامية خارج الشمال والمقيمين في الرياض وقطر وعدن وغيرها من عواصم دول العالم، على افتراض انهم الطرف المناهض للحوثي ومشروعه الايراني فخلال رصدنا لكتاباتهم وتصريحاتهم المتزامنة مع إحتفالات مدنهم بخرافة يوم الغدير ، لاحظنا سكوتا والإستكانة تامة حيال ذلك، حيث تركز ضجيجهم الإعلامي حول، نبش جراح الجنوب في ذكرى احتلاله الأول، وتسويق مشاريع تفريخ في حضرموت وإسقاط صورة نمطية مشوهة وزائفة، عن واقع الأوضاع في الجنوب والعاصمة عدن على وجه الخصوص، بهدف تيئيس قطاعات شعبهم في الشمال من جدوى التحرر والإنعتاق من الحوثي وتثبيط همم الأحرار منهم.
لايمكن تحميل شعب الشمال المآل الذي هم فيه ، ولا يحق التشفي بهم، طالما ونخبهم وقواهم السياسية، كجماعة الإخوان وحزبها، قد سخرت إمكانيات ومقدرات الدولة والدعم المقدم من دول التحالف العربي، لتغريبهم وصرفهم عن قضيتهم الرئيسية، إذ لعبت تلك القوى دورا أكثر مما فرضه الحوثي بقوة السلاح، في تعزيز تبعية طيعة مذعنة مستلبة الحرية والإرادة والقابلة للتكيف والتأقلم مع كل شروط القهر و أشكال العسف والإذلال في أوساط الشرائح الإجتماعية الشمالية، جعلتها بلا رؤية وهدف ولا طموح أو تطلع، مسترضية العيش في المتاح، ومستعدة للتحرك والاحتشاد ضد مستقبلها الحر.