الجنوب في مواجهة ثالوث الإرهاب المركب، القاعدة، و المليشيات ، وتجار المخدرات
اكدت معظم التقارير الأمنية الميدانية ان تجارة المخدرات بالمنطقة إرتبطت بنمو النمط المليشاوي المسلح ذات العلاقة التاريخية بالجماعات الدينية الراديكالية المتطرفة، كالحركة الخمينية الشيعية واذرعها وجماعة الإخوان المسلمين وتفرعاتها من حركة طالبان الى جماعة الهجرة والتكفير وصولاً تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين .
وتشكل جريمة التجارة الدولية في المخدرات سوقاً ضخمة ومصدراً كبيراً لدخل الجماعات الإرهابية والمليشيات المتطرفة، نظراً لعائداتها التي لا يمكن تعقبها، ونظراً لتأثيرات الحرب على الإرهاب في الجانب المالي الذي تعاني منه التنظيمات الإرهابية - داعش والقاعدة - كما افصح مؤخراً، زعيم التنظيم باليمن خالد باطرفي ، لجأت هذه التنظيمات الى تعميق علاقتها بمافيا الإتجار بالمخدرات والمليشيات المتحكمة بها كالمليشيات الحوثية.
في مناطق عدة من -إفريقيا على وجه الخصوص- اعتاد تجار المخدرات والعناصر الإرهابية على التسامح مع بعضهم البعض ، كونهم يدركون أن الصدام بينهم لن يكون في مصالحهم ، علاوة على ذلك فقد دفعتهم الحرب على الإرهاب الى التقارب وبناء علاقة تحالفية ، تشمل التكامل الأمني و المصالح المشتركة من ارباح تجارة المخدرات، إنطلاقاً من هدفها الجامع هو هدم اعمدة الانظمة في الدول وتدمير مرتكزاتها الأمنية وصولاً الى إسقاطها.
في اليمن، مركز نشاط العلاقة والشراكات القائمة، بين المليشيات المسلحة المتطرفة والتنظيمات الإرهابية ومافيات جريمة تجارة المخدرات ، وتمثل المليشيات الحوثية المسيطرة على محافظات الشمال ومن خلال علاقتها بإيران -وكر إرهاب المخدرات العالمي - محط جذب لمافيات المخدرات وتجارها والتنظيمات الإرهابية ، ونجحت إيران بتدفقات المخدرات والسلاح ، ان تثير المنافسة يين تجار المخدرات والتنظيمات الإرهابية في التقرب من المليشيات الحوثية وإثبات الطاعة لها، وتنفيذ اجنداتها في الجنوب ، سواء بإغراقه بالمخدرات او إحراقه بالعمليات الإرهابية .
هذا الخطر الإرهابي المزدوج والمتكامل في ادواته واسلحته وطرق ووسائل تنفيذه في سياق الحرب على الجنوب ، له إرهاب مماثل تكمن خطورته ، انه ينطلق وينشط ويتمترس داخل اراضي جنوبية لم تصلها عملية التحرير بعد ومازالت ترزح تحت سيطرة قوات مليشيات الإخوان اليمنية والعناصر الإرهابية المنظوية تحت لوائها وعباءتها .
في وادي وصحراء حضرموت ، تحرص المنطقة العسكرية الأولى الموالية لجماعة الإخوان والحوثي على حد سواء، على اداء رسالتها العسكرية بما يتلاءم مع شروط شركائها في الجريمة المنظمة منها الجريمة الإرهابية وغسيل الأموال وتجارة المخدرات .
كمليشيات حوثي تماماً، تدير المنطقة العسكرية الأولى ومليشياتها الإخوانية تحالفها القديم المتجدد مع تجار المخدرات والعناصر الإرهابية بعيداً عن انظار الحرب الدولية على الإرهاب، وتكسب من ذلك الولاء والطاعة من مافيا المخدرات والتنظيمات الإرهابية الى جانب مكاسب مالية ضخمة ، واخرى تتعلق بأمن وجودها المرفوض، ونتيجة لذلك تعتبر محافظة حضرموت من اكثر محافظات الجنوب معاناة من مخاطر انتشار المخدرات بشتى انواعها .
في يونيو 2022 م وفي إطار المهام الإمنية التي ينفذها أمن وادي حضرموت ، تم الكشف على مصنع يستخدم
لصناعة أخطر أنواع المخدرات في العالم، مخدر الشبو، بمديرية القطن، الواقعة تحت سيطرة المنطقة العسكرية الأولى ومليشياتها الإخوانية .
في حقيقة الأمر ، العملية الأمنية الناجحة، كشفت عن واحد من مقومات البنية التحتية للعلاقة القائمة بين شبكات تجار المخدرات والمنطقة العسكرية الأولى ومليشياتها الإخوانية والعناصر الإرهابية ، هذه العلاقة عمرها ربع قرن ، تحولت بموجبها مناطق عديدة من وادي وصحراء حضرموت الى مسرح آمن ومعسكر مفتوح للعناصر الإرهابية رغم ان البيئة والخريطة الإجتماعية الحضرمية طاردة للإرهاب وكل اشكال العنف، كما ان ابنائها يعرفون وعبر التاريخ بالسلام وعبقرية البناء والإبتكارات التي تجاوزت حضرموت والجنوب بشكل عام وغيرت تاريخ شعوب نحو النمو وصدارة العالم في كل مجالات الحياة ، نظراً لمايمتلكونه من ثقافة وموروث تاريخي وحب للعلم والعمل وقدرات فكرية ابداعية وابتكارية خلاقة في مختلف المجالات، فهم رواد في صناعة أقدم ناطحة سحاب عرفتها البشرية، فهم عمالقة البحار والملاحة البحرية واول من استخدم حركة الرياح الموسمية و في صناعة السفن في مختلف اشكالها واحجامها .
كما ان حضرموت وفي مختلف المراحل النضالية الجنوبية كانت موطن الإنطلاق والحسم ، ففي الثورة التحررية الجنوبية المعاصرة ، كانت حضرموت موطن إنطلاق الشرارة ، وبدماء اول شهداء ذات الثورة صاغت حضرموت اهداف وغايات شعب الجنوب ومصيره ومستقبله ، وفيها اليوم تتحدد أفاق المرحلة الجنوبية القادمة ومنها أيضاً ستكون خاتمة انتصار الجنوب وثورته التحررية وبداية بناء الدولة الجنوبية المدنية الفدرالية الحديثة .