كيف أصبح اليمن ورشة لتطوير وتحديث متلازمة إيران والقاعدة

  أثبتت العلاقة المنسجمة في الهدف والخطاب، والمتشاركة في السلاح والتنفيذ بين تنظيم القاعدة الإرهابي والمليشيات الحوثية  ، أن التسجيلات والتصريحات ضد إيران واذرعها، والتي يدلي بها زعماء تنظيم القاعدة على المستوى المركز والفروع ، من المقبور أيمن الظواهري الى زعيم فرع التنظيم باليمن خالد باطرفي ، قد تجاوزت بالقارئ والمتابع الباحث  والبسيط على حد سواء ، من  الشك في المصداقية، الى اليقين بأنها فعلا ظاهرة صوتيه زائفة، تخفي وتبطن نقيضها ، كيف لا والحقائق والمعطيات والبراهين الدامغة تؤكد كل يوم ، ان تنظيم القاعدة الإرهابي وفي ظل واقعه المنهك مادياً وبشرياً ، يعتمد على ايران واذرعها في المنطقة في إيواء قادته ونقل أمواله وإحتضان وتأمين وإعادة تسليح عناصره التي تم دحرها من الجنوب في عمليتي ”سهام الشرق “ و ”سهام الجنوب“ .         فقيادات تنظيم القاعدة في اليمن وجزيرة العرب، تتخذ من محافظة البيضاء ، الواقعة تحت سيطرة المليشيات الحوثية ، معقلاً رئيساً ومركزاً للقيادة والسيطرة وايواء وتدريب عناصرها التي فرت من الجنوب لا سيما من محافظتي ابين وشبوة ، واعادة ترتيبها وتسليحها ، الى جانب معسكرات الإخوان في مأرب ووادي حضرموت ، هذا التلاقي والاندماج الجغرافي وفي الهدف يتسق دون شك مع متلازمة الاصل " إيران والتنظيم القاعدة " .         هذا التموضع الدائم الذي لا ثؤثر به متغيرات  الصراع ونتائجه وتداخلاته ، يقوم من جانب آخر على تجربة مازالت مستمرة منذ عقود ثلاثة بين تنظيم القاعدة الإرهابي وطهران ، ففي إيران ومنذ دخول القوات الامريكية افغانستان والاطاحة بحركة طالبان عام 2001، يعيش العديد من القيادات البارزة لتنظيم القاعدة الإرهابي من بينهم  المرشح المحتمل لقيادة التنظيم  (محمد صلاح زيدان) او ما يعرف "سيف العدل " الذي قال ان وجوده في إيران جاء بناءً على "تحالف مصالح"  وأن الخروج منها بمثابة القفز من السفينة إلى القبر، كما ارسل العديد من المقالات الجهادية الى المجلات التي اصدرها التنظيم في سوريا واليمن والعراق واحتفظ ومن طهران بصفته كقائد آمر و موجه حسب اعتراف اسعد بن لادن نجل اسامة بن لادن الذي قال: إنه كان يأخذ الاذن من سيف العدل لتنفيذ عمليات ارهابية ضد القوات الامريكية في افغانستان ، ومن الواضح والجلي ان تنظيم القاعدة الإرهابي الذي كشف بصورة كلية عن نفسه كحليف لإيران في قيادته المركزية هو اليوم بذات الحال بالنسبة لفروعه كما هو في اليمن حليفاً واداة منفذة للمليشيات الحوثية الإيرانية .         طفت  هذه الحالة من التزاوج على السطح مبكراً ،  وذلك في تطابق الخطاب الاعلامي والدعائي، الذي يبدوا بوضوح في مضمونه انه عبارة عن نتاج عملية تلقين إيراني ، إذ تشير القراءة  الدلالية للمفردات والمصطلحات الرائجة في إعلام الحوثي وتنظيم القاعدة منها  "مرتزقة الإمارات “ الحرب على الإسلام " " الغزاة " " الصهيونية " "التحالف الصهيو أمريكي سعودي"  " العدوان والمعتدون "  وصولاً الى " اليمن " و " الوحدة"  ان الجبهة الواحدة التي تظم كلا التنظيمين الإرهابيين لها مصدر تلقين واحد ولغة موحدة اعلامياً وفي سياقات الدعاية الحربية الجهادية الإرهابية الموجهة ضد الجنوب وقواته والشركاء في التحالف العربي والتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب .         وتلخيصاً لما سبق : هذا التماثل والتطابق جاء إنعكاس لتحالف قديم متجدد له مدارس تلقين وتعبئة  وموروث في الخطاب العام لنظام صنعاء وقواه الدينية الدموية المتطرفة التي تزاوجت في حقبة سابقة وانجبت الجنين الاول لتنظيم القاعدة الإرهابي ،  وهو الصيغة المشتركة لتحالف إيران والقاعدة التي بدأت في إيواء طهران قادة تنظيم القاعدة الذي لجأوا إليها عقب سقوط حركة طالبان بأفغانستان وتطورت في الآونة الاخيرة جراء إشتداد الحرب على الارهاب وتضييق الخناق على عناصره في الجنوب وتدمير معسكراته ومعاقله وشل قدرات عناصره في التموضع والتحرك الآمن، الى مرحلة كشفت ما كان خافياً في مراحل سبقت ، فبات تنظيم القاعدة الإرهابي لا يتوانى من تسويق قدراته في دعايته الإعلامية كأحد  التنظيمات الإرهابية المستهلكة والمستخدمة للسلاح الايراني مثله مثل الحوثي تماماً وبذات المواصفات والخصائص ، ألغام وعبوات ناسفة تحاكي طبيعة البيئة التي زرعت فيها ، واخيراً طيران مسير .         على ضوء هذا الانعاش والترميم والتحديث للإرهاب في اليمن من خلال متلازمة ايران والقاعدة ، ومهدد جد خطير  ، وليس هنالك احد في العالم سيكون في البعيد منه، لا بل ان الدول التي تنظر الى اليمن من منظور المصالح ، باتت معنية بأن تضع نصب اعينها إليه كمصدر تهديد لمصالحها في المنطقة، وان تطلع بدورها الى جانب قواتنا المسلحة الجنوبية ، في حرب تكاملية على هذا الخطر الإرهابي ، حرب شاملة لكل مكوناته وروافده ومناطق بؤره وإيوائه.