المجلس الانتقالي وجدارة التحرير والحوار
من الطبيعي في اي ثورة تحررية ان يتركز الجهد في مواصلة التحرير ويتوجه الجميع الى الميدان ، ثورات تحررية قليلة ارست إتجاه موازي، لضمان نصر يشعر الجميع انهم شركاء في تحقيقه ، وانهم مسؤولون في الحفاظ على مكتسباته ، ويتمثل ذات الاتجاه في الحوار مع كل الشركاء في الثورة، والشركاء في الانتماء للوطن، بهدف تمتين الجبهة الداخلية وصيانتها من اختراقات المحتل الذي عادةً مايوجه إمكانياته لشق الصف وخلق طموحات وغايات شخصية في الشعب المحتل تطغى على الاهداف التحررية العليا .
في الجنوب وفي سياق مواصلة التحرير لكافة ترابه واراضيه من قوات ومليشيات الاحتلال ، ارسى المجلس الانتقالي الجنوبي ومنذ تأسيسه مبدأ الحوار كمنهج لتجسيد الشراكة في النضال وصناعة القرار ، وكوسيلة لصيانة وحدة الصف الداخلي ، حدث هذا في الوقت الذي يقود فيه المجلس الإنتقالي حرب تحرير عسكرية مع مليشيات الاحتلال وتنظيماتها الارهابية وحرب اخرى في ميادين سياسية واقتصادية وحالة إشتباك دائم مع قوى الاحتلال ولوبياتها في المضمار الخارجي.
راهن اعداء الجنوب على محاولة إغراق المجلس الانتقالي الجنوبي في صراعات داخلية ، لكن المجلس واجه مختطاتهم بسلاح الحوار الجنوبي ، وقد اثبت هذا السلاح نجاحه ، عندما احسن المجلس استخدامه بإرادة شجاعة وبنوايا صادقة ، وكانت اول طلقات هذا السلاح الفتاك لمواجهة مؤامرات اعداء الجنوب قد سمع دويها العالم كله ، عندما اعلن يوم تأسيسه وتفويض الشعب له كممثل له ولقضيته وكيانه السياسي الجامع بالانفتاح على الجميع بالحوار ، ولا ننسى مقولة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي " من لم يأتي إلينا سنذهب إليه " وتلا ذلك دعوات ومبادرات اخرى للحوار ولاجل إنجاحها على الصعيد العملي اصدر قرار إنشاء فريقين لإدارة الحوار الوطني الجنوبي في الداخل والخارج ، كان ذلك في ظرف تخوض فيه القوات المسلحة الجنوبية عمليات عسكرية ضد التنظيمات الارهابية في كل من ابين وشبوة وحضرموت ، ومعارك اخرى ضد المليشيات الحوثية .
إن القراءة التحليلية لمحتوى خطاب المجلس الانتقالي تضعنا امام إقتران رهيب ، للدعوة والمبادرة منه الى الحوار الجنوبي مع ما دونها من الوقائع والاحداث والمناسبات التي تحدث فيها الى الشعب وقواته المسلحة ، نتذكر خطاب الرئيس القائد الذي اعلن فيه حالة الطوارئ والتعبئة العامة لاحباط التخادم الحوثي الاخواني في شبوة بالتزامن مع شن المليشيات الحوثية سلسلة هجمات في جبهات يافع وثرة وكرش وطور الباحة والضالع في محاولة منها للتقدم مستغلة إنشغال قواتنا المسلحة الجنوبية في الحرب على الإرهاب بمحافظتي أبين وشبوة ، ورغم ان خطابه كان عسكرياً بحتاً تقضية الاحداث الخطيرة الناشئة ، إلا انه لم يتجاهل او ينسى الحديث عن الحوار الجنوبي واهميته في تعزيز وحدة الصف وجبهته الداخلية.
بالطبع ، كان الطريق شاق امام المجلس الانتقالي الجنوبي في مسيرة خلق إصطفاف وطني تتأسس عليه مرحلة جديدة من الشراكة الجنوبية، لكنه وصل الى ذات الغاية ، وبدأ الجنوب يجني اولى ثمارها في اللقاء التشاوري الجنوبي الذي سيختتم اعماله غداً مسجلاً حدثاً جنوبياً تاريخياً غير مسبوق وانجازاً، يمثل اساس كل الإنجازات والاستحقاقات القادمة .