في ال 28 من أغسطس 2019 م شنت التشكيلات العسكرية اليمنية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين تساندها مليشيات مسلحة تضم المئات من عناصر تنظيمي القاعدة وداعش ، هجوماً واسعاً على القوات المسلحة الجنوبية التي اُسندت إليها مهمة مكافحة الارهاب في محافظتي شبوة وابين بعد تدريبها وتسليحها من قبل التحالف العربي .
اسفر الهجوم الذي اطلقت عليه الطواقم الاعلامية الميدانية لجماعة الاخوان مسمى ( غزوة خيبر ) وهو مصطلح جهادي وامتداد لفتوى الجهاد والحرب على الجنوب في صيف 1994 م، عن تراجع جهود مكافحة الارهاب في الجنوب ، كنتيجة طبيعية لخروج قوات النخبة الشبوانية والحزام الامني من محافظتي شبوة وابين وعودة التنظيمات الارهابية ضمن القوات والتشكيلات العسكرية التي قدمت من محافظة مأرب اليمنية .
وزارة الخارجية الامريكية في تقريرها السنوي بشأن الارهاب لعام 2019 م قالت إن "مكاسب مكافحة الإرهاب في اليمن تراجعت بعد حلّ قوات النخبة الشبوانية" مشيدة بدور القوتين الجنوبيتين في مكافحة الارهاب خلال عامي 2018 و 2019 م ، حيث تمكنت القوتين الجنوبيتين من شن هجمات وعمليات عسكرية على اوكار ومعاقل التنظيمات الارهابية ونجحت في زمن قياسي من طرد عناصر التنظيمين القاعدة وداعش من محافظتي شبوة وأبين المطلتين على بحر العرب، وقد شوهدت تلك العناصر الارهابية وهي ترفع راية القاعدة وداعش اثناء اقتحام التشكيلات العسكرية الاخوانية معسكرات قوات النخبة الشبوانية اواخر آب اغسطس 2019 م .
* انتعاش نشاط القاعدة واستعادة انتشارها السابق
خلال فترة سيطرة التشكيلات والمليشيات الإخوانية المسلحة على محافظة شبوة والمناطق الشرقية والوسطى من محافظة ابين انتعش نشاط تنظيم القاعدة، واعاد ترتيب نفسه مادياً وبشريا وبنيويا وذلك بإستعادته لكافة معاقله ومناطق انتشاره التي غادرها بفعل حملات امنية وعسكرية نفذتها قوات الحزام الامني والنخبة الشبوانية بين عامي 2016 – 2018 م ، ومثلت الاعوام الثلاثة التي خضعت فيه محافظة شبوة واجزاء من ابين للسلطة العسكرية والسياسية الاخوانية وضعا مثاليا بالنسبة للتنظيمات الارهابية وعناصرها وفرصة ذهبية لتجسيد انسجامها الفكري وألايدلوجي مع جماعة الإخوان في واقع عملي بدءاً بمواصلة تنفيذ عمليات استباقية وانتقامية من " العدو المشترك " المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية وقوات التحالف العربي ، وعلى ضوء ذلك شهدت محافظة شبوة والمنطقة الوسطى بمحافظة ابين سلسلة من الاغتيالات لافراد وضباط النخبة والحزام الامني عوضا عن العشرات من الهجمات الارهابية بالسيارات المفخخة والهجوم المباشر على المعسكرات والحواجز الأمنية للحزام الامني في كل من لودر واحور ومودية ومناطق اخرى طالت القوات الامنية الجنوبية داخل نطاق سيطرتها بمدن ساحل ودلتا ابين ترافق مع هذا التصعيد الارهابي على القوات المسلحة الجنوبية تصعيدا اعلاميا اخوانيا طال الى جانب القوات المسلحة الجنوبية قوات التحالف العربي بمحافظتي شبوة والمهرة مع تهديدات اطلقتها قيادات إخوانية بارزة كمحافظ شبوة السابق " بن عديو"
في مطلع أبريل 2021 م تعرض معسكر بلحاف الذي تتواجد فيه قوات التحالف العربي للقصف بعدد من قذائف الهاون، كانت تلك الطلقات بمثابة إذن بدخول شريك ثالث الى جانب تنظيم القاعدة ومليشيات الاخوان في الحرب على القوات المسلحة الجنوبية وقوات التحالف العربي .
ففي ايلول سبتمبر 2021 م تمكنت المليشيات الحوثية من السيطرة على مديريات بيحان الثلاث في غضون اربعة وعشرين ساعة من دون ان تواجه أي مقاومة من الجيش الموالي لجماعة الاخوان وبقوام ستة الوية وقوات امنية ، كرست ترسانتها لقصف المدنيين في شبوة ومحاولة كبح جماح الفعاليات الجماهيرية والقبلية الشبوانية المنتفضة ضد وجود سلطة الاخوان ، لتتغير معادلة المواجهة على نحو يصعب فيه الحديث عن مواصلة الحرب على الارهاب في محافظة تسيطر على اجزاء منها قوات على علاقة وطيدة بتنظيم القاعدة واجزاء اخرى خضعت للتو لمليشيات ارهابية حوثية ليست هدفا للتنظيم ولا التنظيم هدفها .
وإزاء تلك التطورات الدراماتيكية ولمواجهة التصعيد الثلاثي الاخواني والحوثي والقاعدة التي ضاعفت هي الاخرى من وتيرة هجماتها الارهابية داخل العاصمة عدن وابين عبر السيارات المفخخة والعبوات الناسفة وبالتوازي مع تحركات مريبة للمليشيات الحوثية تجاه مديرية لودر وجيشان ، القى الرئيس القائد عيدروس الزبيدي في ال 25 من سبتمبر 2021 م خطابا هاما اعلن فيه حالة الطوارئ والتعبئة العامة في عموم محافظات الجنوب.
* الاعداد والتحضير لمعركة الدفاع الوطني
وضعت مضامين وتوجيهات وتعليمات خطاب الرئيس القائد عيدروس الزبيدي المرتكزات المحورية التي تطلبها وتفرضها طبيعة معركة الدفاع الوطني ، كما وضعت الاشقاء في التحالف العربي امام حقيقة تتجسد على الارض يوما بعد اخر مفادها ان جماعة الاخوان المسيطرة على سلطة الشرعية وقتذاك انقلبت على اتفاق الرياض وحرفت مسار الحرب على الجنوب في تحالف علني مع الحوثي إنطلاقا من محافظتي شبوة وابين ، ومن ناحية اخرى اسهمت مضامين خطاب الرئيس القائد في رسم وتحديد العناوين العريضة للقادة العسكرين الذين اُسندت إليهم مهمة التحضير والاعداد لعملية عسكرية واسعة تتداخل فيها الاهداف لتشمل طرد المليشيات الحوثية من مديريات شبوة الشرقية " بيحان " وإستئناف الحرب على التنظيمات الارهابية بالمحافظة وكل الجنوب.
- إعصار الجنوب والمحافظ إبن الوزير
تعتبر عملية اعصار الجنوب التي قادها العميد ابو زرعة المحرمي قائد الوية العمالقة الجنوبية مفتتح مرحلة جديدة من العمليات العسكرية والأمنية التي شنتها القوات المسلحة الجنوبية في اطار حربها على الإرهاب ، ولا يمكن الفصل بينها وبين عمليتي سهام الجنوب بمحافظة شبوة وسهام الشرق في محافظة ابين ، وقد جرت عملية التحضير والاعداد لها " اعصار الجنوب " على جبهتين ، الاولى سياسية دبلوماسية استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي من خلالها إنعاش اتفاق الرياض وذلك بإسقاط رأس السلطة الاخوانية بمحافظة شبوة ودعم تعيين محافظها الحالي الشيخ عوض ابن الوزير العولقي في ال 25 من ديسمبر 2021 م ، والذي قاد عقب توليه مقاليد المحافظة بحنكة ودهاء وشجاعة ، إستطاع وفي غضون عام ان يوظف الاجماع الشبواني على شخصيته وإلتفافهم حوله ، لإنتشال المحافظة من تحت مخالب مؤامرة إخوانية حوثية وإجتراح إنتصارات امنية وخدمية وتنموية.
عسكرياً ووفق منهجية استراتيجية شاملة مستوعبة ما يترتب على نتائجها من عمليات امنية وعسكرية لاحقة ذات اهمية بالغة على مستقبل الامن والاستقرار محلياً واقليمياً ، وبدعم من التحالف العربي أُستكمل التحضير والاعداد لعملية اعصار الجنوب وأُعلن عن انطلاقها العميد ابو زرعة المحرمي في صبيحة الاول من يناير 2020 م ، وفي غضون عشرة ايام فقط تمكنت قوات العمالقة الجنوبية من طرد مليشيات الحوثي المدعومة من ايران من كامل مديريات بيحان التي تقدر مساحتها بنحو 4 آلاف 672 كيلو مترا مربعا وهي رقعة جغرافية استراتيجية تتنوع تضاريسها بين الصحراوي والجبلي بالغ الوعورة ، وتمكنت من إنقاذ أكثر من 118 ألف نسمة هم سكان الثلاث المديريات "عين، عسيلان، بيحان" وكانوا يواجهوا صنوف من الجرائم والتنكيل الحوثي.
* ردود فعل رؤوس الإرهاب الثلاثة وصلابة المحافظ السلطان
عقب اسقاط سلطة الإخوان في شبوة ودحر المليشيات الحوثية من بيحان وانتشار قوات دفاع شبوة ، وضعت مرحلة ما بعد انتصارات عملية اعصار الجنوب محافظة شبوة واجزاء من ابين بين واقعين ، عودة نشاط الارهاب كرد فعل على تراجع نفوذ جماعة الاخوان - حزب الاصلاح - وحاجة تلك المحافظتين الى إستئناف القوات المسلحة الجنوبية عمليات حربها على الارهاب، وكان لشبوة ومن خلال جدارة محافظها اولوية فرض خيار الامن والاستقرار والتنمية وبجهود وتضحيات لم يكن من السهل ان تثمر كما نراها اليوم ، اذ شهدت المحافظتين سلسلة من الهجمات الارهابية الدموية على قوات الحزام الامني وقوات دفاع شبوة والوية العمالقة الجنوبية ، فيما بقيت القوات المليشيات الاخوانية خارج اهداف تنظيم القاعدة الارهابي كما كانت خلال الثلاث السنوات الماضية، وزاد من خطورة الوضع ان تلك التشكيلات والمليشيات العسكرية والامنية الاخوانية كقوات الامن الخاصة وقفت حجر عثرة في طريق المحافظ الشيخ عوض إبن الوزير وجهود مكافحة الإرهاب الذي إضطلعت به القوات المسلحة الجنوبية - دفاع شبوة والوية العمالقة الجنوبية وبدعم من التحالف العربي .
انتشار قوات دفاع شبوة وتقليص هيمنة جماعة الاخوان على صناعة القرار في الشرعية، انسحب على مستقبل التنظيمات الارهابية واعتبر قرار إعفاء الجنرال علي الاحمر المعروف بإرتباطه الايدلوجي والعسكري مع الجماعات المتطرفة من منصب نائب رئيس الجمهورية ونقل السلطة الى مجلس القيادة الرئاسي، اضافة الى تأكيد وتشديد مقررات مشاورات الرياض ، على استكمال اتفاق الرياض بشقيه العسكري والسياسي، قنبلة ارتجاجية قضت مضاجع التنظيمات الإرهابية ودفعتها الى رفع درجة الخطر القصوى على مستقبلها الوجودي وتنفيذ جملة من العمليات الارهابية مسنودة بحملة اعلامية اخوانية تحريضية ضد المحافظ ابن الوزير و قوات دفاع شبوة والوية العمالقة الجنوبية ودول التحالف العربي ، شمل هذا الاستنفار والشعور بالخطر التشكيلات العسكرية الاخوانية ومليشياتها بالمحافظة ، وفي طليعتها ما تسمى بقوات الامن الخاصة ، التي اقدمت وبقيادة قائدها الاخواني عبدربه لعكب على مهاجمة منزل محافظ المحافظة ابن الوزير ، ثم التمرد على قرارات اللجنة الامنية العليا بالمحافظة ورفض توجيهات مدير امن المحافظة، والسعي الى خلط اوراق الملف الامني بإفتعال التوترات لتفجير الوضع عسكريا وإفتعال كل ما يؤدي الى حدوث انفلات امني تخسر به شبوة ما حققته منذ انطلاق عملية إعصار الجنوب عسكرياً وامنياً وتنموياً.
في 15 يوليو/ تموز، هاجمت قوات الأمن الخاصة الاخوانية نقطة امنية لقوات دفاع شبوة غرب مدينة عتق ، وفي 19 من ذات الشهر ارتقى شهيدين وجرحى من قوات دفاع شبوة اثر هجوم نفذته المليشيات العسكرية الاخوانية - قوات الامن الخاصة - وبالتزامن شنت العناصر الارهابية من تنظيم القاعدة وانصار الشريعة هجمات متتالية استهدفت افراد ونقاط قوات دفاع شبوة والجزام الامني بمحافظة ابين ، وامتدت هجماتها الى العاصمة عدن - سيارات مفخخة وعبوات ناسفة -
- هد جدار الدفاع ودك معسكرات الايواء .
شبوة وفي ظل محافظها الشيخ ابن الوزير وبقوتها الجنوبية المسلحة الدفاعية والامنية وبدعم من التحالف العربي، كانت اقوى مما تخطط له جماعة الاخوان وادواتها الارهابية ، المخطط الذي تجلى في تمرد غاشم حاولت قوات ومليشيات الاخوان تنفيذه بالعاصمة عتق على قرارات المحافظ ومجلس القيادة الرئاسي مطلع أغسطس 2022 م، لتؤكد تلك المليشيات حقيقة حذر منها ابناء شبوة مبكرا ، مفادها ان اي تواجد عسكري لجماعة الاخوان سواء بشكل مليشيات او وحدات عسكرية وامنية موالية هو إبقاء لمهدد امني وتمرد عسكري وملاذ آمن ومحفز لنشاط تنظيم القاعدة.
وإزاء ذلك لم يتوانى المحافظ ابن الوزير وبعد إستنفاده كلّ الطرق السلمية فـي التعامل مع التمرد الاخواني والانقلاب الغاشم من الإطلاع بمسؤوليته والصلاحيات القانونية الممنوحة لسلطته والوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه لشبوة وابنائها، من التعامل الفوري والحازم مع التمرد ومليشياته الاخوانية ووحداتها العسكرية والامنية ، في عملية امنية عسكرية نوعية استهدفت معسكرات الاخوان وثكناتهم ومواقع إنتشارهم وتكللت بطرد تلك المليشيات من المحافظة واستعادة الامن والاستقرار والحفاظ على النظام العام والسلم الاجتماعي والسكينة العامة ، ما مهد ارضية صلبة لمواصلة الحرب على الارهاب وملاحقة عناصره الى معاقلها واوكارها في مناطق ومديريات نائية ، سواء في عملية سهام الجنوب او ما سبقها
لتدخل محافظة شبوة مرحلة جديدة من الامن والامان وجهود إنجاز إستحقاقاتها في شتى الجوانب الخدمية والاعمار والتنمية .