في یولیو عام 2016م صرح الرئیس الأمریكي السابق دونالد ترامب قائلا: " العراق الیوم هو بمثابة جامعة هارفارد للإرهاب، فإذا أردت أن تكون إرهابیاً فعلیك الذهاب إلى العراق
" اثار هذا التصريح نقدا ساخطا في الصحافة العراقية المدعومة من إيران والناطقة بإسم جماعة الإخوان ، فيما تعاطت معه الصحافة الأمريكية من زاويتين ، النقد الساخر والتأصيل التاريخي للإرهاب في منطقة الشرق الاوسط ووفقا لذلك كان على ترامب القول : ( العراق اليوم أشبه بجامعة الإيمان في اليمن، فإذا أردت أن تكون إرهابیاً فعلیك الذهاب إلى العراق )
منذ البدايات الأولى لظهور الجريمة الإرهابية المنظمة وتشكيل تحالف دولي لمكافحة الإرهاب ، كانت اليمن في صدارة بلدان النشأة والرافد الفكري وكان الجنوب اول ضحايا الارهاب ، ولعبت جامعة الايمان الاخوانية وكذا المعاهد العلمية التابعة لفرع التنظيم باليمن اكاديمية ومدارس التنشئة والتغذية الفكرية للإرهاب، مع ذلك بقيت بين حاجة نظام صنعاء وحكومات عفاش لإضعاف الجنوب وغزوه وضرب آمنه واستقراره وبين احراجها من المواقف الدولية.
في 2001 وبعد احداث 11 سبتمبر الإرهابية اغلقت الحكومة اليمنية جامعة الإيمان مؤقتا وطلبت من رئيسها عبدالمجيد الزنداني الذي صنفته الولايات المتحدة فيما بعد بأخطر الداعمين للإرهاب ترحيل 500 طالب أجنبي كانوا يدرسون فيها ،وتجنبا من اي احراج قد تتعرض له حكومة صنعاء في اطار الحرب الدولية على الإرهاب.
وفي مايو 2002 م اعلنت الحكومة اليمنية وضع المعاهد العلمية التابعة لجماعة الاخوان تحت اشرافها مالياً وإدارياً ، لكن سيطرة جماعة الإخوان ظل مستمراً على قطاع التعليم نظرا لسيطرتها على الأجهزة الاستخباراتية ونصف التشكيلات العسكرية، ولهذا السبب اعادت جامعة الإيمان نشاطها وتصديرها للعناصر القيادية المتطرفة الى الداخل والخارج ، ومع ظهور الحراك الجنوبي السلمي التحرري في الجنوب اسند نظام صنعاء مرة اخرى مهمة تصدير وادارة الارهاب الى حزب الاصلاح الاخواني ومن خلال كوادره التي تخرجت من جامعة الإيمان وصارت قيادات عسكرية في الجيش اليمني وامراء في تنظيم القاعدة الإرهابي .
إمكانية ردع الادوات
في العراق كما في اليمن شكل التطرف الايديولوجي الديني بشقيه الاخواني والشيعي الخميني المصدر والرافد المادي والفكري للإرهاب الذي وظف سياسيا في الماضي والحاضر ضد الجنوب وضد امن واستقرار منطقة دول الخليج العربي ، وتأسيسا على ذلك وعلى ضوء الحقائق والبراهين الدالة على التخادم والتكامل القائم بين مليشيات الحوثي المدعومة من إيران والمليشيات الإخوانية المدعومة من تركيا فإن مضاعفة دول التحالف العربي دعمها المادي واللوجستي للقوات المسلحة الجنوبية في معركتها مع التنظيمات الإرهابية والمليشيات الإخوانية الحوثية الرديفة لها ، سوف ينعكس سلبا على مستقبل تمويل ونشاط هذه العناصر الإرهابية ، والاهم سيؤدي الى يأس واحباط اطراف اقليمية من جدوى استخدام المليشيات الدينية اليمنية في تهديد امن دول الخليج العربي واستنزاف قدراتها وامكانياتها العسكرية والمادية وجرها الى مستنقع اليمن الغريق بويلات إيران والتنظيم الدولي للإخوان.
* إستراتيجية التكامل وتبادل الأدوار
في اطار الخارطة الجغرافية والسياسية والعسكرية لجماعة الإخوان تتحرك التنظيمات الارهابية وتجد لبقائها ضمانات ونمو، ليس فقط في الجنوب بل وفي المنطقة برمتها ، في هذا السياق تأتي أهمية عدد من المواقع الإستراتيجية التي يحاول تنظيمي داعش والقاعدة التمدد اليها و تتمثل في الجنوب (حضرموت وشبوة والمهرة وأبين ) والصومال (الشمال) والسودان (غرب) ومصر (سيناء والصعيد) وليبيا ( الجنوب والغرب ) ومنها الى شمال وغرب افريقيا وفي سوريا ( الشمال والغرب ) وسوف تحتل ليبيا مكانة خاصة في استراتيجية "البقاء والتمدد" التي يقوم عليها داعش.
الملاحظ ان التنظيم الدولي لجماعة الإخوان والتنظيمات الإرهابية التي تتحرك في مجرته واتجاهاته، تترك المناطق التي يتجه نحوها او يسيطر عليها المشروع الإيراني عبر مليشياته في اليمن وسوريا والعراق .. الخ ، وهذا ما يعزز حقيقة تبادل الأدوار بين جماعة الإخوان وإيران وفي اطار استراتيجية مشتركة تهدف الى إحاطة منطقة دول الخليج العربي ومصر بحزام من المهددات الأمنية .
في اليمن ، اتخذت المليشيات الإخوانية والوحدات العسكرية الموالية لها والبالغ قوامها ما يعادل فيلق عسكري وجهة معركتها نحو الجنوب المحرر عندما سيطرت المليشيات الحوثية المدعومة من إيران على كامل محافظة حجة المحاذية للحدود السعودية ، ورفضت تحريك قواتها من وادي وصحراء حضرموت وشبوة عقب سيطرة المليشيات الحوثية على محافظة الجوف واقترابها من مدينة مأرب عملت عبر " حزب الاصلاح " جناحها المسيطر على الحكومة الشرعية على ايقاف هزائم الحوثي في الساحل الغربي عبر اتفاقية استوكهولم وفتحت له مارثون تقدم وسيطرة نحو الشرق اليمني المواجه للحدود السعودية .
* مكاسب القاعدة .. الاحتفاظ بالارض والحفاظ على عناصرها.
الثابت ان صعود الجماعات المتطرفة والعناصر الإرهابية من القاعدة وداعش يرتبط بصورة مباشرة بطبيعة الأجندات الايرانية واطراف اقليمية تقف وراء المشروع الاخواني وكنتيجة لتطور مستوى لعب الادوار بين الادوات المنفذة كمليشيات الحوثي والإخوان في اليمن . وبالتالي فإن قدرة هذه الادوات على اعادة تدوير التنظيمات الإرهابية وتشكيلها والمزاوجة بين اهدافها، يكون بإرضائها من خلال التمويل والايواء و الاحتفاظ بالارض التي تتحرك فيها في الجنوب و الحفاظ على عناصرها من ضربات التحالف الدولي والعربي والقوات المسلحة الجنوبية ، ومن المهم الإشارة الى ان القدرة الكلية لمثلث القاعدة داعش وجماعة الإخوان ومليشيات الحوثي تكرس حتى الان في استراتيجية تقديم اولوية " الحرب على اقرب الاعداء " في ساحة معركة تتعدى المسرح العملياتي للجنوب واليمن ، وبالطبع يمثل المجلس الانتقالي الجنوبي وقواته المسلحة العدو اللدود لها واقرب اعدائها على جغرافيا المواجهة.. هذه الاستراتيجية تقوم على فكره انه ليس من الممكن إيجاد حزام اخواني إيراني ناري حول الحد الجنوبي لدول الخليج العربي من غير إحباط وإفشال المجلس الانتقالي الجنوبي من تحقيق هدفه ومشروع فك الارتباط بين الجنوب والشمال، ولهذا السبب اتفق الخطاب السياسي والاعلامي الحوثي والإخواني في وصف اتفاق الرياض بالمؤامرة على ما يسمونها بالسيادة الوطنية .
وفي المجمل يمكننا القول ان استكمال تنفيذ اتفاق الرياض وخاصة شقه العسكري او دعم القوات المسلحة الجنوبية لبسط السيطرة على وادي وصحراء حضرموت والمهرة ووضع كافة محافظات شرق الجنوب منها محافظة شبوة تحت سيطرة قوات النخب الجنوبية خطوة هامة ورئيسية لمستقبل أمن واستقرار منطقة شبه الجزيرة العربية بالكامل . ذلك ان القوات والمليشيات المسلحة المتواجدة هناك ذات ولاء مزدوج لجماعة الإخوان والحوثي ، عوضا عن كون وجودها يمثل تخندق هام للاجندات الخمينية الإخوانية المعادية للمملكة العربية السعودية، وتموضع جيد للتنظيمات الإرهابية ومخزن سلاح لها ومحطة إرتباط مع شبكات التهريب للسلاح والمقاتلين .