من تاريخ النضال الجنوبي التحرري .. الى واقعنا اليوم

  في النصف الثاني من كل عام تحل علينا ذكرى إنطلاق ثورة الأبناء التحررية المعاصرة - الحراك السلمي التحرري الجنوبي-  تليها ذكرى ثورة الأباء والأجداد الاكتوبرية وذكرى اعياد إنتصارها المجيدة في الثلاثين من نوفمبر  وكذا ذكرى تأسيس الجيش الجنوبي، وقبلها ذكرى تأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل السياسي لقضية شعب الجنوب وممثلها والمدافع عنها، في معركة وطنية جنوبية مصيرية على كل الجبهات العسكرية والأمنية ، الخدمية، والإقتصادية، والمعيشية، والدبلوماسية .   وبمعنى اوضح لدى  النضال  الوطني التحرري لشعب الجنوب روزنامة تاريخية حافلة بالإنتصارات والأمجاد، وتصطف اوراقها في إتجاه حركة المستقبل وعقارب الزمن الان ، بالجنوب كما كان، مع الإستفادة من دروس الماضي وتجارب التاريخ ، دولة فيدرالية حديثة  كاملة السيادة على حدود ما قبل  1990م .   قبل أيام احيا شعب الجنوب وقواته المسلحة الجنوبية ، العيد الوطني ال 52 لجيش الجنوب ، وقد استعاد مجده من خلال قواتنا المسلحة المعاصرة التي تمثل الإمتداد التاريخي والمهني والعضوي لذات الجيش الذي تأسس عقب الإستقلال الأول ، وتحديداً في الأول من سبتمبر 1971م واستطاع  خلال فترة وجيزة الوصول ، وفقاً لمعايير القوة والتنظيم والتدريب والتأهيل والتسليح،  الى مصاف جيوش دول المنطقة العربية .   كل هذه المحطات النضالية والتاريخية لشعب الجنوب وما تخللها من تضحيات جسام، بدئاً من إنطلاق شرارة ثورة ال 14 من اكتوبر  1963م وانتهاء بالآن الذي يواصل فيه ابطال قواتنا المسلحة معركتهم الوطنية المصيرية الجنوبية في الجبهات الحدودية وفي الحرب على الإرهاب ، زاخرة بإرث خالد من البطولات المجيدة، و الدروس والعبر والتجارب ، والمحصلات والنتائج ، التي هي محط فخرنا وإعتزازنا ، وهي في الوقت نفسه ، مرجع تاريخي ، نضعه كمصدر إلهام في وهجنا و إتجاهنا الاستراتيجي  وعلى خطى الشهداء الأبرار حتى بلوغ الهدف الأسمى والغاية العليا ، المتمثلة بالإستقلال واستعادة دولة الجنوب .   يعي شعبنا تاريخه ويحفظه عن ظهر قلب ، وهو في الوقت نفسه محافظ على عهد الوفاء لثورته التحررية الأولى، وفي بالإنتصار لأهدافها ، معتز مفاخر بمنجزاتها وانتصاراتها وإرثها النضالي، السياسي والعسكري والإجتماعي و الفكري، مستوعب ومن خلال ضمانات وعوامل إنتصارها على اكبر إمبراطورية إستعمارية وقتذاك، في الـ 30 نوفمبر  1967م.   أن اولى مستلزمات التحرر الوطني و الإستقلال لأي دولة ، هو وجود جيش يحمي ويذود عن مكتسبات الثورة ومقومات وعناصر الدولة المستعادة الأرض والشعب ، وهنا تتجلى عبقرية الرئيس القائد عيدروس الزبيدي من خلال الجهود التي بذلها في سياق بناء قواتنا المسلحة على اسس وطنية ومهنية احترافية، وتأهيلها وتطوير قدراتها مادياً وبشرياً ولوجستيًا وفق إستراتيجية علمية شاملة مواكبة لخصائص وسمات الحروب المعاصرة ، و لكل التطورات الراهنة والمستقبلية لمعركتنا الوجودية ، ويتم تنفيذها بخطوات مدروسة وكان من أهم هذه الخطوات مصفوفة من قرارات الهيكلة المرتقبة.   وخلاصة القول ؛ إن ظروف مرحلة  الإستقلال المعاصر للجنوب مشابهه الى حد كبير ظروف الإستقلال الأول في الـ 30 نوفمبر  1967م من حيث التلاحم الشعبي ووحدة صف شعب الجنوب في جبهة واحدة وتحت قيادة ثورية رائدة في الكفاح التحرري السلمي والعسكري ، ومن حيث وجود جيش صقلت إرادته  ميادين النضال وساحات وجبهات القتال،  ليكون بهذا الإقتدار والكفاءة والوعي وعنفوان الفداء ، ضمانة لبناء دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة ، رغم ان هذا البناء يبدو اصعب من تجربة البناء التي اعقبت إنتصار ثورة 14 أكتوبر لسببين :   الأول : أن عملية البناء اليوم ستكون على أنقاض تركة ثقيلة من التدمير والتخريب التي خلفها احتلال متخلف وحاقد .   ثانيا : ان هذا الإحتلال ذو رؤوس متعددة مازالت تمد بأياديها المحترقة لخلط الأوراق في الجنوب ولإعاقة عجلة البناء وتطبيع الأوضاع ، مستخدمة وسائل وادوات متعددة وعلى رأسها ورقة الإرهاب .