القوات المسلحة الجنوبية والتحالف العربي شراكة إستراتيجية في مكافحة الإرهاب

  يعتبر الإرهاب ظاهرة عالمية عابرة للحدود ، وأصبح خطراً وجودياً يُهدد الجميع  وينال من مُكتسبات التنمية ومُقدرات الدول وأمن واستقرار الشعوب ، سواءً كانت نابعة من أيديولوجيا متطرفة تستند إلى تفسيرات دينية مغلوطة كما هي تنظيمات القاعدة وداعش وإطارها الحامل جماعة الاخوان المسلمين ، أو من عقيدة منحرفة مرتبطة بخرافة تفوق سلالة بعينها ، كما هي مليشيات الحوثي الارهابية وحزب الله وإطارها الجامع نظام الملالي في إيران  . وهو ما يملي على دول العالم تعزيز التعاون فيما بينها لمواجهة هذه الآفة بكافة أشكالها ومظاهرها وتنظيماتها ، ومعالجة أسبابها الجذرية من منظور شامل ومُتكامل يبدأ وقبل كل شيئ ضرب الإطار وطيه والاخذ بالدروس والخبرات والمكتسبات والانتصارات الملهمة التي جسدتها الشراكة والتحالف المصيري والعضوي بين قواتنا المسلحة الجنوبية ودول التحالف العربي في مكافحة الارهاب المركب في تنظيماته والاطراف الداعمة له والمتجذر في إيدلوجيتها وفكرها ومصالحها وادواتها السياسية والعسكرية والبراجماتية.

تجارب مشهودة في مكافحة الإرهاب

قدمت الكثير من الدول العربية التي عبثت فيها جماعة الاخوان او طالها الإرهاب الإيراني تجارب مشهودة في مكافحة الارهاب ولعبت ومازالت ابوظبي والرياض والقاهرة دوراً محورياً في هذا الجانب ، وحققت من خلال الدعم الذي تقدمه لدول المنطقة نجاحاً باهراً في الحرب على الارهاب ،في مناطق كانت تمثل المعاقل الرئيسية للتنظيمات الارهابية سبق وان عجز التحالف الدولي من حسمها على الارض نظراً لتشابك مصالح قوى سياسية مع تلك التنظيمات ، ومثال على ذلك ، ما حققته القوات المسلحة الجنوبية وبدعم من دولة الامارات العربية المتحدة المشاركة في اطار التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في إجتثاث الإرهاب الذي جرى تصدير عناصره الى الجنوب وتجذير وجوده على مدى عقود ، وما انتصارات عملية ”سهام الشرق“ و ”سهام الجنوب“ التي تكللت بالسيطرة على اكبر معاقل تنظيم القاعدة على مستوى الجزيرة العربية وقبلها انجازات عملية الفيصل بساحل حضرموت الا رقماً من ارقام التحول الذي أحدثته الشراكة الفاعلة والمصيرية بين القوات المسلحة دول التحالف العربي. ويمكننا القول : إن هذا التكامل والتضافر بين دول التحالف العربي وقواتنا المسلحة الجنوبية سواءً في التصدي للإرهاب الايراني ومليشياته الحوثية او الإرهاب الإخواني وتنظيماته كالقاعدة ،  قد اعطى تجربة رائدة في مكافحة الارهاب على المستويين الاقليمي والعالمي ، وجسدت هذه التجربة المستمرة في تطورها حاجتنا المشتركة للقضاء على كل بؤر الخطر والتهديد الذي يتعرض له الجنوب و المنطقة ، وستظل هذه التجربة ونجاحاتها على الدوام محط دراسة في كافة جوانبها الاكاديمية والعسكرية القتالية ودروسها وخبراتها الميدانية وابعادها واهميتها الاستراتيجية، وهي تجربة ملهمة لتعزيز وتطوير الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب وفقاً لهذه المتطلبات والشروط التي تعتبر محط إجماع المتخصصين والباحثين والدول والأنظمة التي تواجه ظاهرة الإرهاب او التي تشارك في إطار المنظومة الدولية :
  • تصنيف الانظمة والجماعات والاحزاب التي اثبت ان لها علاقة مع التنظيمات الارهابية كجماعة الاخوان وايران كمنظمات إرهابية واصدار عقوبات دولية عسكرية وامنية واقتصادية بحقها ، وهذا يندرج في إطار ضمان مُحاسبة الدول والجماعات الدينية الايدلوجية التي ترعي الإرهاب وتحتضن عناصره، بما في ذلك “المُقاتلين الإرهابيين الأجانب”، وتُوفر لهم الملاذ الآمن أو تقوم بتسليحهم وتدريبهم وتيسير انتقالهم عبر أراضيها إلى مناطق أخرى لزعزعة استقرارها، أو تُقدِّم لهم الدعـم المـالـي واللوجيستـي و/ أو السياسي والإعلامي، في خرقٍ واضحٍ لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبما يُهدد السلمَ والأمن الدوليين.

  • ضرب ونزع الروابط القائمة بين التنظيمات الإرهابية والجماعات الدينية السياسية " جماعة الاخوان " وكذا جماعات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، سواء تلك التي تعمل في تهريب المُخدرات، أو الإتجار بالبشر، أو تهريب الأسلحة، وهو ما يعتبر أحد العناصر الرئيسية لتعزيز فعالية جهود مُكافحة الإرهاب، وأن السبيل الأنجح لتحقيق ذلك هو من خلال تعزيز ركائز الدولة الوطنية وبناء قدرات مُؤسساتها، باعتباره أمراً ضرورياً لملء الفراغ الذي تستغله جماعات الجريمة المُنظمة والتنظيمات الإرهابية لصالحها.

ولعل ما تعرضت له دولة الجنوب عقب إجتياحها واحتلالها عسكرياً وبفتوى تكفيرية جهادية في صيف ١٩٩٤ م كان شاهداً على ذلك حيث ادى تدمير وإنهيار مؤسساتها وفي مقدمتها المؤسستين العسكرية والأمنية الى تقاسم ثرواتها بين منظومة الحكم التكفيرية اليمنية والتنظيمات الارهابية وينسحب هذا الواقع على الدول العربية التي عبث بأمنها واستقرارها ومؤسساتها ما يسمى بالربيع العربي الاخواني.

تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب

  • العمل على ثنائية تعزيز التعاون الدولي لتقويض قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد عناصر إرهابية جديدة، بما في ذلك المُقاتلين الإرهابيين الأجانب، وكذا تعزيز قدرة الدولة او القوات المحلية الفاعلة في مكافحة الارهاب على تنفيذ التزاماتها الدولية بموجب قرارات مجلس الأمن والاتفاقات الدولية ذات الصلة، وكذلك التوصيات الخاصة بمجموعة العمل المالي الدولية FATF، والمُتعلقة بالعقوبات المالية المُستهدفة في إطار مُكافحة الإرهاب وتمويله وهذا يتطلب الاضطلاع على تطويرها النوعي المادي والبشري والوصول بها الى مستوى التحديات والمخاطر الراهنة والمحتملة في الغد وبما يتعدى التطوير والتحديث للإسترانيجات التي تتخذها التنظيمات الإرهابية في وسائل نشاطها .

  • منع التنظيمات الإرهابية وداعميها من استخدام وسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر الفِكر المُتطرف وخطاب الكراهية ، مع إلزام وسائل الاعلام و الشركات المُوَفِّرة لخدمات التواصل الاجتماعي بحذف المُحتوى المُتطرف التحريضي من على مواقعها، بما في ذلك من خلال إغلاق المواقع التي تتضمن مثل هذا المُحتوى، والاستجابة لطلبات الدول بتوفير البيانات المطلوبة حول مُستخدمي تلك المواقع لأغراض الإرهاب لتقديمها إلى جهات إنفاذ القانون، مع أهمية عدم الخلط هنا بين الحق في حرية التعبير والمحاذير الامنية الوطنية والقومية والعاليمية.

  • تشديد الجهود الدولية لتجفيف منابع تمويل الإرهاب، سواء من خلال الأفراد أو شبكات الجريمة المُنظمة العابرة للحدود، أو الدول والكيانات الإرهابية التي تتخذُ من بعضِ المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية والإغاثية والدعوية “ستاراً” لها لجمع التبرعات لتمويل أنشطة إرهابية، بما في ذلك لنشر الخطاب المُتطرف المُؤدي إلى الإرهاب، فضلاً عن منع حصول الإرهابيين على السلاح إعمالاً لقرار مجلس الأمن رقم 2370 لعام 2017 الذي سبق وأن تقدمت به مصر إبان عضويتها بمجلس الأمن الدولي.