الجيش الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) نشأته وتطوره

  الجيش الجنوبي كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في صبيحة الأول من سبتمبر عام 1971م على موعد مع الإعلان عن تأسيس الجيش الجنوبي الخاص بها، خلال حفل إشهار الكلية العسكرية بصلاح الدين بالعاصمة عدن، ليكون المتكفل بحماية الحدود الجغرافية والحفاظ على استقرار الأوضاع داخليا.. وسبق ذلك بأعوام، أن أدخل الاستعمار البريطاني إلى الجيش الاتحادي المكون من رجال قبائل المحميات، فرقة خاصة بالدفاع الجوي وعدد من السيارات والأسلحة الأتوماتيكية إبان قيام الحرب العالمية الثانية لأسباب مرتبطة بالحسابات العسكرية البريطانية، وبلغ قوام الجيش الاتحادي سنة 1945م ما يقارب 1800 فردا بينهم 35 ضابطا عسكريا، ليخضع هذا الجيش لاحقا للنظم العسكرية البريطانية. تكوين الجيش الجنوبي وتطوره: بعد قيام الاتحاد الفدرالي في المحمية الغربية في فبراير 1959م، تحولت، في نوفمبر 1961م، مسؤولية الإشراف على ذلك الجيش إلى وزارة الدفاع الاتحادية, وتحول اسمه إلى " جيش الاتحاد النظامي " وكان وقتها يضم خمس كتائب مشاة، مدربة بشكل جيد، ومسلحة بعربات مدرعة فقط، غير أن إشراف وزارة الدفاع الاتحادية على ذلك الجيش لم يكن حاسماً، إذ ظلت أمور كثيرة بيد البريطانيين أهمها: التموين، والمرتبات، والتسليح – حسب ما قاله أحد المؤرخين الجنوبيين. ومع إعلان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 30 من نوفمبر عام 1967 تم الإعلان لاحقا عن تأسيس الجيش الجنوبي في الأول من سبتمبر 1971م كجيش رسمي، وأزداد عتاده العسكري إبان الصراع العالمي بين المعسكرين الغربي والشرقي، حيث انضمت اليمن الجنوبي في العام 1981م إلى زميلاته من الدول الحليفة للاتحاد السوفييتي في معاهدة صداقة مع كل من ليبيا وأثيوبيا لإدانة التحركات الأمريكية في المنطقة، وهو ما أثر على عملية التقارب بين اليمن الجنوبي والمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية اليمنية. قدرات عسكرية ضاربة: كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من ضمن الدول المهابة بقدراتها العسكرية الضاربة والمدربة بمهاراتها القتالية في منطقة الشرق الأوسط ، فقد بُنيت مداميكها العسكرية على أسس ونظم محكمة من حيث التأهيل العلمي والفني والتقني لأفرادها وقياداتها العسكرية، مسلحة بأحدث الأسلحة وأكثرها تطورا مقارنة بالقدرات التسليحية لمعظم الجيوش العربية، وهذا التوصيف المجرد من الزيف والمبالغة يمكن إثباته لمن لا يصدق هذه الحقيقة بالبيانات والأرقام المعتمدة من مصادرها الرئيسية، والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن دولة الجنوب كانت تمتلك جيشا قويا ومؤهلاً علمياً وثقافياً ولديه قدرات وخبرات في استخدام مختلف الأسلحة الروسية والتي كان لدول المنظومة الاشتراكية وعلى وجه الخصوص جمهوريات الاتحاد السوفيتي الاشتراكية (سابقا)، الفضل في تأهيل كوادر جيش (ج.ي.د.ش) في أرقى الجامعات وأحدث المعاهد والأكاديميات العسكرية، كما كان للسوفيت دوراً فاعلاً ليس في التأهيل والتوجيه والدعم بالخبرات اللوجستية (السياسية والعسكرية) فحسب، وإنما بمنح وتزويد القوات المسلحة لجيش اليمن الديمقراطي بالأسلحة المتطورة والقدرات العسكرية البرية والبحرية والجوية. الجيش الجنوبي الجيش الجنوبي وقدرة الردع العالية منذُ استقلال شعب الجنوب في 30 نوفمبر 1967م وتحرير أرضه من الاحتلال البريطاني كأقوى إمبراطورية عالمية عرفها التاريخ هيمنة ونفوذا في العصر الحديث، وتحديدا بعد التحولات الثورية لما عرف حينها بخطوة التصحيح المجيدة في 22 يونيو 1969م ، أولى النظام السياسي بتوجهه الاشتراكي اهتماما كبيرا في مسألة بناء القوات المسلحة الجنوبية وذلك على أسس وطنية وقيم إنسانية، تتحلى بالإخلاص وحب التضحية والاستعداد القتالي العالي للذود عن حياض الوطن وحماية مكتسبات الدولة الفتية. وخلال مرحلة قصيرة جدا من عمر التجربة العسكرية استطاع الجيش الجنوبي أن يواجه الجيش اليمني عام 1972م في حرب غير متكافئة بشرياً وعسكريا فيحبط أول مؤامرة عدوانية لاحتلال أرض الجنوب، بل ويحقق نصرا كبيرا أثبت به حين ذاك على قوى الشر والعدوان في نظام الجمهورية العربية وحلفاءها، بأن هناك دولة ونظام سياسي جديد قادر على حماية سيادته الوطنية، وعلى خصومه والمناوئين له أن يضعوا له ألف حساب.. بعد ذلك تسارعت وتيرة البناء والتحديث للجيش الجنوبي وتعززت مُثل الانضباط والربط الواعي ، والالتزام الصارم والدقيق بالنظام والضوابط والقواعد المنصوص عليها في القوانين وفي الأنظمة العسكرية ، ليغدو في منتصف ثمانينات القرن الماضي من أكثر الجيوش العربية تأهيلاً وتسليحاً وتدريبا. مؤامرات إقليمية ودولية وبرغم ذلك التطور الكيفي والنوعي للقوات المسلحة في الجنوب، إلا أن القوى الحاقدة إقليميا ودولياً ظلت تراقب ذلك التطور وترصد عن كثب وتدرس الوسائل المناسبة والفرص الممكنة لتدمير وإنهاء تلك القوة العسكرية وإسقاط النظام السياسي، لأنها تطمح بالهيمنة على أرض الجنوب واستغلال ثرواته النفطية والغازية وموارده المتعددة، وأيضا وهنا (مربط الفرس) التحكم بطرق التجارة العالمية في البحار والمحيطات المتصلة بخليج عدن والبحر الأحمر عبر بوابة مضيق باب المندب، وهذه الأهداف لن تتأتى وتحقق مراميها لصانعي تلك المؤامرات الخبيثة، إلاَّ بواسطة نظام متخلف له زعيم يتصف (بنقاط ضعف) منها محدودية التعليم وضحالة الوعي الثقافي، لكنه يجيد المكر والخداع، ولديه الاستعداد أن يفرط بسيادة وطنه وكرامة شعبه ولو بثمن بخس !؟. فوجدت ضالتها المنشودة بـ(علي عبد الله صالح) الذي وصل إلى سدة الحكم بصنعاء بطرق مشبوهة عام 1978 م وهو لا يمتلك من مؤهلات السلطة سوى جنوح العربدة والبلطجة، وفهلوة الهنجمة والاستهتار، ومحترف على ممارسة جرائم الحقد والعدوان. وقبل أن توكل إليه مهمة المؤامرة على نظام دولة الجنوب، دفعت به عنوة تحت هواجس غرور العظمة في فبراير 1979 م وهو لم يمضِ في تولي (اغتصاب) السلطة في الجمهورية العربية اليمنية سوى سبعة أشهر فقط !؟. فقبل مغامرة الاختبار في مواجهة دولة الجنوب وجيشها في حرب أهلية كادت أن تجبره على الاستسلام في عقر داره بالعاصمة صنعاء؟؟. ولولا التدخل العاجل لبعض الأنظمة العربية والدول الغربية صاحبة المصلحة من تلك المؤامرة، لما كان له حظ النجاة من حتمية السقوط النهائي. سيناريوهات توجيهية وبعد أن تأكدت قوى التآمر بأن الرجل المتهور قد امتلأ قلبه غيضا وحقدا ضد النظام ذي التوجه الاشتراكي بالجنوب، وصار على استعداد لتنفيذ المهمات الموكلة إليه وفق الخطط المعدة سلفا، وبموجب السيناريوهات التوجيهية الصادرة من مراكز وعواصم (الحلفاء والأصدقاء)!؟. فقد أقنعوه بأن يتجنب محاولة تكرار المواجهة العسكرية مع دولة الجنوب، فميزان القوى السياسية المحيطة داخليا بسلطته القبلية، لا تسمح لنزواته الإجرامية (ومحو العار) المرفوع شعارا للانتقام، من إمكانية تنفيذ المخطط بالحسم العسكري لإسقاط النظام غير المرغوب فيه بـ (عدن)؟؟. لذلك لم يكن أمامه من خيار سوى قبول التوجيهات المعدة (....). وبالفعل نجح بجدارة في تأدية الدور المناط به في تأجيج مشاعر الخلافات وأذكى دوافع الصراع التناحري بين القيادات السياسية في الجنوب، وكان له إسهام مباشر و(غير) مباشر في إشعال نار الفتنة بجريمة 13 يناير 1986م الدموية، والتي كانت بحق الكارثة العظمى فيما ترتب عليها من خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، ومن تمزق سياسي واجتماعي لدولة ونظام اليمن الديمقراطي، فضلا عن نتائجها التدميرية للقدرات العسكرية وفقدانها طابور طويل من القيادات المحنكة والكوادر المؤهلة في مختلف الوحدات العسكرية وفي مقدمتهم وزير الدفاع المناضل (صالح مصلح قاسم) الخصم اللدود لعلي عبد الله صالح. لجأت المملكة العربية السعودية آنذاك إلى مضاعفة دعمها للجمهورية العربية اليمنية ونظام الرئيس علي عبدالله صالح، بعد أن زودت ليبيا الدولة الجنوبية بمعدات وآليات عسكرية بحسب المعاهدة، إضافة إلى تلقي الجيش الجنوبي دعما من الدول الاشتراكية لبناء جيشه المسلح خصوصًا من الاتحاد السوفيتي الذي قام دعمه بقوة وأرسل القوات البحرية السوفيتية إلى قوات البحرية الجنوبية من أجل التدريب – بحسب ما أورده المؤرخون. معدات وآليات وقوام الجيش الجنوبي: أ- قوام الجيش الجنوبي للملاك البشري 80,000 – 100.000 ضابط وجندي بالإضافة إلى 60,000 من القوات الشعبية والاحتياط العام ب- قوام رئاسة هيئة الأركان العامة 18 دائرة بمختلف أنواعها وتخصصاتها كليتين عسكريتين 12 مدرسة تخصصية لمختلف صنوف القوات المسلحة 8ورش مركزية للصيانة و216 فرعية لواء للنقل العام يملك أكثر من إلفين وخمسمائة وسيلة من وسائل النقل الخفيف والمتوسط والثقيل 3 مستشفيات مركزية و164 مركز صحي 300- 500 منشأة عسكريه مصنع متكامل للذخائر والعتاد العسكري 16مزرعه إنتاجية بكافة ممتلكاتها 150,000 متر مربع من الأراضي البيضاء 16 منشأة بين فندق ونادي ومنتزه ومتحف ج- قوام الوحدات العسكرية وأسلحة القتال وتتكون من 40لواء نظامي مشاة – ميكا - دبابات – مدفعية - صواريخ - قوى جوية ودفاع جوي - بحرية ...الخ موزعة كما يلي: أ) - القوى البرية وتتكون من 16 لواء مشاة أربعة ألوية مشاة ميكانيكية لواء إنزال مظلي ثلاثة ألوية دبابات عشر كتائب إسناد مستقلة مكونة من 550 دبابة حديثة ثلاثة ألوية مدفعية مكونه من 480 مدفع وراجمة صواريخ لواء صواريخ سكود مكون من 21 منصة إطلاق صواريخ ثابت ومتحرك 3 ألوية للمليشيا الشعبية 3 ألوية احتياط عام ب ) القوى الجوية والدفاع الجوي 3 ألوية طيران قتال بقوام 92 طائرة ميج – سوخوي 3 ألوية طيران هيلكوبتر قتال نقل استطلاع بقوام 48 طائرة لواء للنقل والشحن الجوي بقوام 12 طائرة منها اثنتين عملاقة لواء رادار 3-ألوية دفاع جوي عشر كتائب مستقلة 5 مطارات عسكرية 2 قواعد جوية ج) القوى البحرية والدفاع الساحلي: يتكون من 6 ألوية بحرية يدخل في قوامها 12زورق من قاذفات الصواريخ والطوربيدات و15 زورق دوريات خفر سواحل واستطلاع 7 سفن إسناد و8سفن إنزال ونقل إضافة إلى قاعدتين بحريتين