ثورة أكتوبر رسائل الدروس والعبر .. من الأجداد الى  الأحفاد

تقرير خاص/ درع الجنوب أُثُبت دون شك أن التجربة التاريخية لا يقوم مقامها التفوق العقلي في إجتراح النجاحات ذات الصلة بتطلعات الشعوب سواء الثورية المصيرية او التنموية والرفاه والرقي والسلام  ،    وحده التاريخ من يعطينا علماً لا يمكن تحصيله بالعقول النابغة بل بتلك التي تضع التجارب التاريخية أداة حل لمشكلات راهنها ومستقبلها ، وقد قيل : من وعى التاريخ في صدره أضاف أعمارًا إلى عمره. فى هذا الإطار، وبمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ59 لثورة أكتوبر المجيدة 1963 م ، وفي ظل ظروف غير عادية وشائكة بالتعقيدات على كافة الصعد ، يتعين علينا في الجنوب شعب وقيادة الوقوف مطولاً إجلالاً وإكباراً  امام ما قدمته ثورة الاباء والأجداد للجنوب  ، هذا الوقوف لا ينبغي ان يقتصر على تعظيم المناسبة فحسب، وتمجيد رجالها  وابطالها الميامين الذين قهروا اعتى إمبراطورية إستعمارية في العالم وقتذاك وانجزوا للجنوب إستقلاله الأول  ، بل لابد ان تشمل إستعداداتنا لإحياء هذه الذكرى، و التسلح بالقدرة الكافية لإستحضار تاريخ ثورة اكتوبر المجيدة ، اهدافها ومبادئها ووسائلها ودروسها وعبرها ومساراتها ودروبها وقواها المحركة ونتائجها ، وتحديداً نقاط القوة التي مكنتها من إنجاز اهدافها و بلوغها مستوى واحدة من أعظم الثورات التحررية العربية خلال النصف الثاني من القرن العشرين ، ونقاط الضعف او الاسباب التي كانت وراء ذهاب انتصار ثورة أكتوبر الى خارج مدار هويته الوطنية الجنوبية. ينبغي ان نقرأ بتفحص وإستلهام تجربة الآباء والأجداد لنجيب على اسئلة  لسنا قادرين ، وبالمطلق على تجاوزها طالما ونحن نخوض معركة الذود عن اهداف ثورة اكتوبر الضافرة ونقف في المرحلة الأخيرة من إعادة انجاز هدفها الاول والمتمثل في تحرير وطننا الجنوب من محتل متخلف بغيض واستعادة دولتنا الجنوبية الفيدرالية المستقلة.. أسئلة واستفهامات مشروعة وملحة لها امتداد تاريخي ومؤثمرة في حاضرنا ومستقبلنا - ماهي الخلاصات والعبر من دروس تاريخ ثورة أكتوبر لتساعدنا على فهم واقعنا الآن واستيعاب ما يجب الأخذ به او تجنبه ؟!

*إنجاز عظيم وتاريخ مجيد*

جيل ثورة أكتوبر ورعيله الاول لم يتبقى منه سوى القليل وهنالك على الاقل جيلين من شعبنا الجنوبي لم يشهدا ثورة أكتوبر او قرأ عنها قراءة تاريخية خالية من تدخلات ودسائس اليمن  الذي تسلل الى داخل مفردات اهدافها . لقد  غير المؤرخ اليمني قبل الوحدة المشؤومة وبعدها الخط الدرامي لثورة أكتوبر ، جعله متسق مع سياق مؤامرات واطماع صنعاء على الجنوب وثورته وهويته ، وإنطلاقا من ذلك يتعين على تحويل كل وسائل الإعلام الجنوبي المرئية والمقروءة وكذا منصات المهرجانات الاحتفائية الى منابر  يتوجه من خلالها ما بقي من ثوار اكتوبر على قيد الحياة الى ابنائهم من جيل اليوم بخلاصات من رسائل الدروس والعبر .. بهذه الطريقة يستطيع شعب الجنوب فهم ومعرفة ذلك الانجاز العظيم الذي اجترحه الآباء والأجداد على طول أربع سنوات من الكفاح المسلح في ثورة اكتوبر وحتى طرد المستعمر البريطاني في 30 من نوفمبر 1967م ومن ثم لا بد من الشروع في وضع استراتيجية لإعادة كتابة تاريخ ثورة أكتوبر من جديد.

*ماذا بقي من ثورة أكتوبر*

يحلو لكثير من الجنوبيين ان يتساءلوا : ماذا بقي من ثورة أكتوبر ؟! وبعيدا عن الأحكام القيمية التى ليس من الوارد أن يستخدمها من يعتمد على المنطق في البحث عن إجابة لإستفساره  ، يمكن القول وبسهولة ، إن ما تبقى من ثورة أكتوبر  هي الدروس والعبر  والامجاد الخالدة في صميم التاريخ.. وهي أيضا مجموعة من المبادئ والأهداف التحررية التي كان لثمن تحقيقها أربع سنوات من التضحيات الجسام  وغزير من الدم والارواح . ويكفي ان ثورة أكتوبر التي طردت المستعمر الأول هاهي تقلق اليوم وتقض مضجع المحتل الثاني بكونها إرادة شعب حية لا تموت، متوارثة جيلا بعد جيل ، وما يقلق ويرعب الغزاة بها انها خالدة في ذاكرة شعب الجنوب بهويتها الجنوبية، وعمقها العربي وبكونها الارث والمثل والنموذج لشعب اراد الحياة فاستجاب القدر  
*اخطاء الآباء لن يكررها الأبناء*
ابواب وطننا الجنوب مشرعة على ذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة ، سيكون ودون شك الاحتفاء بها ليس ككل مرة ، ثمة متغيرات اسهمت في جعل الذكرى 59 لإنطلاق ثورة ال 14 من أكتوبر المجيدة مناسبة إحتفائية ومن المتوقع ان تكون الاضخم  في عدد من المهرجانات المليونية لا سيما في  حضرموت وردفان وفعاليات اخرى في عدن و أبين وسقطرى وشبوة والضالع ، سيؤكد شعب الجنوب من خلالها مواصلة مهمة رد الاعتبار لثورة أكتوبر ومبادئها واهدافها ودماء رجالها الأبطال وذلك بإستكمال اهداف الثورة الجنوبية التحررية الثانية التي يدفع فيها الابناء ثمن أخطاء وقع فيها بعض  آبائهم  من النخبة السياسية التي تولت زمام دولة الجنوب الوليدة بعد الاستقلال من الاستعمار البريطاني ، نقول اخطاء انطلاقاً من إدركنا ان ثورة أكتوبر كغيرها من الثورات الوطنية التحررية التي شهدها العالم في تلك الحقبة لم تخل من الاخطاء والهفوات وليس معنى أن يكون لها أخطاء، أن ينتهز البعض كل مناسبة- وأحيانا بغير مناسبة- لكى يجردوها من معظم أمجادها أو من كل أمجادها. فإن ذلك لظلم  كبير لا يقع على ثورة أكتوبر بقدر ما يقع على الجنوب وتاريخه.