ما عجزت المليشيات تحقيقه بالقوة لن تحققه بالفهلوة السياسية

المنطق يقول إن على مليشيا الحوثي الإلتزام بالهدنة وفقاً لشروط السلام لا بشروطه النافية للسلام ، مالم فإن عليه تنفيذ تهديداته لتصبح الهدنة مطلبه وملاذه الأخير ، عندها لا يمكن أن تنفعه المبادرات الانقاذية التي يبادر بها الموقف الدولي .   لن تتكرر ملهات استوكهولم التي أوقفت هزائم مليشيا الحوثي في أطراف مدينة الحديدة في 2018 م وافسحت لها المجال للتمدد شرقا - مارب والجوف - بتخادم مع أطراف يمنية، هي نفسها التي تغازله اليوم على أسوار مدينة مأرب وتؤدي معها بإيقاع متناغم التهديدات للجنوب والمصالح الدولية.   على أرضية لا تتوفر فيها أي من عوامل القوة سوى التخاذل الدولي، أطلقت مليشيا الحوثي ليلة أمس كل ما بجعبتها من تهديد للشركات الدولية شرق الجنوب .. الحوثي ورغم دوامة خطابه العدائي للمصالح الدولية لم يسبق أن هدد الشركات النفطية في كل من شبوة وحضرموت إلا بعد طرد المليشيات الاخوانية من شبوة والقضاء على تمردها وتحرير حقول النفط من سيطرتها، وهذا ما يؤكد وبجلاء انه كان مستفيدا من السلطة الإخوانية السابقة في شبوة وأن نسبته من عائدات النفط والغاز كانت ليست بالقليلة.   الحوثي يدرك يقينا أن مالم يحققه بالقوة في ميادين وجبهات القتال الجنوبية على وجه الخصوص لن يستطيع تحقيقه بالجبهة الدبلوماسية وبسلاح الفهلوة وبرابجندا القوة الاستعراضية ، ومع ذلك يهدد لغرض إبتزاز المجتمع الدولي وكل الجهود الاقليمية والدولية الساعية الى وقف دائم لإطلاق النار وصولاً الى إحلال السلام .   تدرك مليشيا الحوثي أن جنوب ما بعد 2015 م ليس كما قبله وانها اندحرت وخرجت من الجنوب ، من عدن والضالع وأبين ولحج وشبوة ، وبيحان مؤخراً بقوة السلاح وبغزير من الدماء الزكية ، خرجت بشواض النار وصليات البندقية والمدفعية ، خرجت أشلاء وجنائز ، وأجزاء من حطام مشروعها الإيراني اللئيم ، خرجت منهزمة منكسرة مهانة ، فكيف تجرؤ على المطالبة بأن تكون شريكاً في استثمار الثروات النفطية بالجنوب.   هذه الدماء التي روت تربة الجنوب خلال ثمان سنوات من الحرب وحتى اللحظة لا ولن تكون بمثابة زيت طبخ لطهي وسلق قسمة خطرت في بال مليشيا الحوثي المنهزم وتلقتها أطراف يمنية تتجنب الاختلاف مع الحوثي إذا ما تعلق الأمر بشأن الجنوب وثروته .   الأصدقاء صناع القرار الدولي والأكثر تأثيراً في ملف صراعنا المصيري مع المليشيات الحوثية مشروعها الإيراني ، هم أيضاً على إدراك تام بأن الدماء الجنوبية التي انسكبت ومازالت تواصل حركتها بسخاء هي دورتنا الدموية الكبرى المتدفقة من باب المندب غرباً الى المهرة شرقاً .